ما أن دخل بائع القهوة أبو صالح الى مطعم في مدينة الموصل، حتى انبطحت دورية أميركية على الأرض موجهة اليه بنادقها الرشاشة. أبو صالح في مكانه متفاجئاً بما يحصل. في بادئ الأمر اعتقد بأنه ضرب من ضروب الكاميرا الخفية، لكن أضواء اللايزر الموجهة اليه والكلمات الصارخة التي لا يسمعها الا في أفلام الحركة والإثارة بددت كل شكوكه وجعلته يعتقد بأن الموت قريب لا محالة. لم يكن أبو صالح يدرك أن الرعب الذي أصابه، أصاب قبله الدورية الأميركية المنبطحة، فهو ما ان دخل المطعم حاملاً حزاماً من الفناجين الملونة والبراقة، حتى ظنت الدورية أنه يحمل حزاماً ناسفاً ليفجر بهم المطعم. سوء تفاهم بين القهوة والسلاح كاد أن يصنع كارثة. طرفة من الطرائف التي يرويها أبو صالح بخوف وهو يسكب القهوة الطازجة لزبائنه. يعمل منذ عام 1994 في بيع القهوة بنوعيها الحلو والمر، فصوت الفناجين التي يحركها بين أصابعه تثير انتباه المارة فيما رائحة القهوة تغريهم بتذوقها. يقول أبو صالح: «إن مهنته التراثية بدأت تنقرض مع مرور الزمن بسبب فقدان الأمن وصعوبة التنقل، إضافة الى أنها مهنة موسمية تنشط خلال فصلي الشتاء والربيع وتنحسر في موسمي الصيف والخريف». ويؤكد أن عدد الذين كانوا يعملون في هذه المهنة تجاوز 80 شخصاً في تسعينات القرن العشرين، بينما تقلص اليوم الى بضعة أفراد.