في وقت أبلغ مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية الإدارة الأميركية بأن إدخال المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة ضمن «خريطة المناطق ذات الأولوية القومية» لا يتعارض وقرار الحكومة الأمنية المصغرة تعليق البناء جزئياً في المستوطنات لعشرة أشهر، قال الوزير المتشدد العضو في «الهيئة الوزارية السباعية» بنيامين بيغين إن المستوطنات ستشهد خلال فترة تعليق البناء إضافة 10 آلاف مستوطن جديد، وأن «البناء سيتواصل في أكثر من 3 آلاف وحدة سكنية جديدة خلال الأشهر العشرة». وهدد وزراء حزب «العمل» بالتصويت ضد «خريطة المناطق ذات الأولوية القومية» في حال شملت مستوطنات «نائية»، أي تلك القائمة في قلب المناطق الفلسطينية المأهولة شرق الجدار الفاصل، المرشحة من وجهة نظرهم للتفكيك في إطار التسوية الدائمة. وذكرت صحيفة «هآرتس» أمس أن الإدارة الأميركية فوجئت بسماع خبر تخصيص مئات ملايين الدولارات للمستوطنات، ما حدا بموظفين أميركيين كبار يعملون مع الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل إلى طلب توضيحات من مكتب رئيس الحكومة الذي رد بأنه على رغم شمل المستوطنات ضمن «خريطة المناطق ذات الأولوية القومية»، فإن «هذه المستوطنات بعكس البلدات الأخرى الموجودة في الخريطة، لن تحصل على مساعدات في مجال الإسكان والبناء». وأضافت أن مساعدي نتانياهو تعهدوا باسمه أن لا يؤدي تحويل اعتمادات مالية إلى بعض المستوطنات إلى عرقلة تطبيق قرار تعليق البناء. ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إعرابه عن ارتياحه للتوضيحات التي قدمتها إسرائيل، وقوله إن «لا مشكلة للإدارة مع هذه المساعدات ما دامت لا تتعارض وأوامر تجميد البناء، ولا تمس الإسكان والبناء». وأشارت إلى أن شمل المستوطنات في خريطة مناطق الأولوية يتعارض مع التعهدات التي أعطاها رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق أريئل شارون عام 2003 للإدارة الأميركية بعدم تخصيص موازنات عامة لتشجيع المستوطنات أو تقويتها. وأضافت أن هذه التعهدات سجلت في رسالة رسمية إلى المستشار القضائي للحكومة في حينه بعد عامين، وبناء عليها أخرج شارون المستوطنات من خريطة المناطق ذات الأفضلية القومية، وهي تعهدات بقيت على حالها في عهد رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت. في غضون ذلك، تناولت وسائل الإعلام العبرية، المعارضة المتزايدة داخل حزب «العمل» للخريطة الجديدة. وقالت إن حدة المعارضة حملت زعيم الحزب وزير الدفاع إيهود باراك على الشروع في ممارسة ضغط على رئيس الحكومة لتعديل أسماء البلدات الواردة في الخريطة، بحيث يتم استثناء المستوطنات النائية منها لتحل محلها بلدات داخل الخط الأخضر تعاني وضعاً اجتماعياً - اقتصادياً أصعب. ولم تستبعد مصادر في «العمل» إرجاء التصويت على الخريطة المفترض في جلسة الحكومة الأسبوعية غداً الأحد إلى موعد آخر، إزاء تهديد وزراء الحزب بالتصويت ضد الخريطة ما ينذر بأزمة بين «العمل» وسائر شركائه في الائتلاف. وكانت حركات يسارية ترصد النشاط الاستيطاني أشارت إلى أن البلدات المشمولة في خريطة الأولويات تشمل بؤراً استيطانية عشوائية غير قانونية كان مفروضاً تفكيكها منذ سنوات بناء لالتزام إسرائيل في خريطة الطريق الدولية. من جهته، أقرّ الوزير اليميني القطب في «ليكود» بنيامين بيغين بصوريّة قرار الحكومة تعليق البناء جزئياً، وقال في اجتماع في تل أبيب مساء أول من أمس مفسراً القرار: «لسنا بصدد تجميد (بناء) بالمعنى الكامل للكلمة، وبالتأكيد ليس كما أرادته الدول العربية وليس كما رغبت الولاياتالمتحدة وأوروبا في بداية الأمر». وتابع أنه لا يميز بين المستوطنات النائية (المحاذية لبلدات فلسطينية مأهولة شرق الجدار الفاصل)، والمستوطنات في التكتلات الاستيطانية الكبرى التي ضمتها إسرائيل داخل الجدار وهي موضع إجماع صهيوني بضمها إلى حدودها رسمياً في إطار التسوية الشاملة، «لذلك تم شمل تلك المستوطنات (القائمة في قلب الضفة) ضمن الخريطة الجديدة لمناطق الأولوية الوطنية (التي ستحظى بموازنات حكومية كبيرة). لا نميز بين مستوطنة وأخرى. ولو وافقنا على التمييز بينها (واعتبار المستوطنات النائية مرشحة للتفكيك في إطار التسوية الدائمة) لتوصلنا إلى اتفاق في شأن الحدود المستقبلية حتى قبل بدء مفاوضات الحل الدائم». «حماس» تعزز قوتها على صعيد آخر، نقلت صحيفة «معاريف» عن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تقديراتها أن حركة «حماس»، بعد عام من الحرب على قطاع غزة، «استخلصت العبر من فشلها العسكري خلال الحرب» وأنها تعمل منذ انتهاء الحرب على تعزيز قوتها «استعداداً لجولة عنف جديدة ضد إسرائيل، في حال فشلت المفاوضات للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى». ورأت المصادر الأمنية الإسرائيلية أن «الخسائر العسكرية الكبيرة لحماس، خصوصاً في الأرواح، دفعت بالمسؤول عن الجناح العسكري للحركة (كتائب القسام) أحمد الجعبري إلى إعادة بناء قوة الحركة العسكرية وزيادتها، وعليه شهد العام الماضي تراكم كميات كبيرة من الأسلحة في غزة تم تهريب معظمها من سورية وإيران عبر الأنفاق، وجرى تصنيع بعضها في القطاع». ولفتت الصحيفة إلى أن ما يثير قلق المؤسسة الأمنية في إسرائيل هو العبوات الناسفة الإيرانية التي تحمل اسم «شفاز» التي جرى تهريبها إلى القطاع، وهي من النوع الذي استخدمه «حزب الله» خلال الحرب على لبنان عام 2006، «وهي ذات قوة تدمير هائلة قادرة على اختراق فولاذ بسُمك 200 ملم». وبحسب التقديرات الأمنية أيضاً، فإن ثمة مخاوف من أن «حماس» تقوم ببناء أنفاق تحت الأرض في اتجاه إسرائيل بهدف التسلل إلى أراضيها ومحاولة خطف جنود.