أعاد إفراج إسرائيل عن جثمان الناشط الفلسطيني مشهور العاروري الذي استشهد في عملية فدائية قبل 33 عاماً، فتح ملف جثث مئات مثله تحتجزها في ما يعرف ب «مقابر الأرقام». وقررت إسرائيل قبل أيام تسليم جثمان العاروري الذي تحتجزه منذ عام 1976 إلى ذويه في مدينة رام الله، بعد جهود مضنية من مؤسسات حقوقية، على رغم أنها دأبت على نفي احتجازه أو حتى معرفتها بمصيره. وقال الباحث في شؤون الأسرى الأسير السابق عبدالناصر فروانة إن قرار الإفراج عن جثمان العاروري «خطوة إيجابية على رغم محدوديتها، وانتصار قانوني وإنجاز إنساني لكل الجهود المبذولة لكشف مصير المفقودين واستعادة جثامين مئات الشهداء الفلسطينيين والعرب المحتجزة لدى سلطات الاحتلال». وأضاف أن «هذا الإنجاز يجب أن يقود إلى استمرار الجهود وتراكمها، نحو فتح هذا الملف الإنساني المأسوي المؤلم، لتحقيق إنجازات أكبر وخطوات أكثر تكفل استعادة كل جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال في مقابر الأرقام منذ فترات طويلة تصل إلى عشرات السنين، كجثمان الشهيدة دلال المغربي المحتجزة منذ أكثر من ثلاثين عاماً». وأوضح فروانة أن «احتجاز جثامين الشهداء يُعتبر جريمة وفقاً للقانون الدولي ... إنها جريمة أخلاقية وإنسانية ودينية وقانونية ... إسرائيل ما زالت تحتجز مئات الجثامين في مقابر الأرقام، واقترافها لهذه الجرائم وانتهاكها لحقوق الموتى لم يكن في الماضي عملاً نادراً، ولم يعد الآن استثنائياً، بل كان ولا يزال سلوكاً دائماً في إطار سياسة ممنهجة في تعاملها مع الفلسطينيين والعرب». ولفت إلى أن الدولة العبرية تتخذ هذا الإجراء «إما بهدف معاقبة الإنسان بعد موته والانتقام منه وتعذيب ذويه وأحبائه وحرمانهم من دفنه في مقابرهم، أو لإخفاء آثار جرائمها في طريقة قتله والتمثيل والتنكيل بجثته، أو لسرقة أعضائه الداخلية، أو بغرض استخدام جثمانه للمساومة وابتزاز الجهة التي ينتمي إليها ... هناك جثامين محتجزة منذ أكثر من ثلاثين عاماً كجثمان الشهيد العاروري الذي كانت سلطات الاحتلال تنكر وجوده لديها، وجثمان الشهيدة المغربي التي تدعي سلطات الاحتلال أنها سلمتها ضمن صفقة التبادل الأخيرة التي أجريت مع حزب الله اللبناني الذي ينفي ذلك». وأشار إلى أن «رفات عشرات الشهداء والشهيدات احتجزت بعد اتفاق أوسلو وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية وعشرات أخرى خلال انتفاضة الأقصى، ما يؤكد أنها سياسة وليست وقائع نادرة». وأوضح أن «إسرائيل لجأت إلى كثير من المبررات لمواصلة احتجازها للجثامين، فتارة تدعي أنها تحتجز الجثامين إلى حين الانتهاء من تشخيصها، وتارة أخرى تدعي أنها تحتجزها للفحص، في حين أن ادعاءاتها باطلة، لأن التشخيص والفحص لا يتطلبان احتجاز الجثامين لعشرات السنين». غير أنه قال إن «إسرائيل أعلنت احتجاز بعض الجثث بهدف الضغط والابتزاز وتلبية شروط معينة، مثل الشهيدين محمد فروانة وحامد الرنتيسي اللذين استشهدا في عملية الوهم المتبدد، إذ تربط الإفراج عنهما بالإفراج عن الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليت». وذكّر بأن «مقابر الأرقام تقع في مناطق عسكرية مغلقة ويمنع زيارتها أو الاقتراب منها أو حتى تصويرها، وهي خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع ... هذه المقابر غير معدة دينياً وإنسانياً كأماكن للدفن وتزدحم بمئات الأضرحة، وهي عبارة عن مدافن بسيطة أحيطت بالحجارة من دون شواهد، ومثبت فوقها لوحات معدنية تحمل أرقاماً بعضها تلاشى في شكل كامل. كل شهيد يحمل رقماً معيناً، ولكل رقم ملف خاص تحتفظ به الجهة الأمنية المسؤولة يحدد هوية صاحبه». وحمَّل إسرائيل «المسؤولية الكاملة عن مصير المفقودين جميعاً منذ عام 1967 حتى اليوم الذين لا يُعرف مصيرهم، أحياء كانوا أم أمواتاً». وناشد الجهات الرسمية والمؤسسات الحقوقية «الاهتمام بهذا الملف المؤلم وتفعيله في شكل أقوى»، كما ناشد الفصائل الآسرة للجندي الإسرائيلي شاليت «بإدراج مطلب استعادة الجثامين ضمن مطالبها على غرار ما حققه حزب الله في صفقة التبادل العام الماضي، مع منح الأولوية للأسرى الأحياء».