جدد المثقفون السعوديون مطالبهم، مع اقتراب موعد انطلاق مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث (بعد غد الاثنين)، المطالب التي تؤكد على تفعيل الثقافة والالتفات بشكل جدي إلى المثقف وقضاياه. من جهة أخرى يثير قرب انعقاد المؤتمر، تساؤلات عدة حول مدى فعالية هذا المؤتمر، وما النتائج التي يمكن له تحقيقها، بخاصة أن المثقفين لا ينتظرون توصيات بقدر ما ينتظرون أفعالاً. هنا شهادات لعدد من الأدباء والمثقفين حول المؤتمر. عبد الله الكعيد: ليس هذا منتهى الطموح طبيعتي التفاؤل حتى ولو لم يكن هناك ضوء في آخر النفق كما يُردد البعض. يكفي أن يُحرك أيّ تجمع أو مؤتمر مياهنا الراكدة، وبالتالي تبرز الأسئلة، وحين يُطرح السؤال لا بد من إجابة، هذا أولاً ثم لا يكفي كما يقول المتخاذلون أننا نلتقي في مكان واحد يجمعنا سقف واحد؟ هل هذا مُنتهى طموح الأديبة/الأديب أو المثقفة/المثقف السعودي أن يلتقوا تحت سقف واحد في ندوة أو مؤُتمر؟ فأقول (لا) كبيرة بحجم الهدف الذي نطمح إليه، فالسعي ليكون للمُثقف كلمة فاعلة في المشهد الثقافي الفكري والمساهمة في مسيرة تنوير وتثقيف المُجتمع هو الهدف الأسمى الذي يسعى إليه كل الأدباء والمثقفون. آمل ككاتب أن يخرج المؤتمر بتوصيات أحدها أن تُسهم النُخب الفاعلة من الأدباء والمثقفين من الجنسين في صياغة مستقبل الوطن في كل المجالات أحدها قرارات مجلس الشورى. ما المانع في ذلك؟ فلتنظر الجهات التشريعيّة لما يكتبهُ الأدباء والمثقفون كل يومٍ عن قضايا المجتمع. نقول دائماً في طروحاتنا أننا مجتمع ذكوري فيهب البعض لينعتنا بأقذع الألفاظ. اليوم هاهي الحقيقة، نسبة مُشاركة المرأة الأديبة والمثقفة في المؤتمر 25 في المئة لتُثبت بالفعل أننا مجتمع ذكوري للذكر أكثر من نصيب الأُنثيين وقد طُبّق هذا المفهوم بحذافيرهِ حتى في مؤتمرنا الثقافي. فاطمة العتيبي: محاور لا تحرض على المشاركة لا أعتقد أن من أهداف هذا المؤتمر إحداث تغيير في خريطة الأدب السعودي كما أنه لن يحدث تحولات كبرى في حياة الأدباء السعوديين ولن يحفل المخططون الذكور (عطفاً على استمرار تحييد المرأة عن العمل التخطيطي والرئيسي في وزارة الثقافة والإعلام ) بأجندة الأدباء وأحلامهم وطموحاتهم فالمؤتمر خطط له كي يكون كشافاً ومرجعاً لاهتمامات الأدب، وهل هو يحقق المحاور التي وضعها المخططون كما لو كانت شروطاً لأدبية الأدب! لم يرقني أن يسمى المؤتمر بمؤتمر الأدباء السعوديين مع أن التسمية الصحيحة له هي مؤتمر الأدب السعودي نسبة إلى محاور المؤتمر واهتماماته التي لا تعنى بحقوق الأدباء أو سيرهم أو مستقبل أوضاعهم، أو تيسير سبل مناسبة لبيئة إبداعية محفزة تقوم على المساواة في الفرص وتقدير المواهب المتميزة، وحضور المرأة الذي لا يتجاوز 20 في المئة من حضور الرجل في نسبة الأبحاث المقبولة أمر لا أملك حق التعليق عليه بحكم عدم اطلاعي على تفاصيل آلية العمل في اللجان الرئيسية، لكن اللافت هو إصرار الوزارة على ذكورية التخطيط وصناعة القرار وإبقاء المرأة في الدرجة الأدنى من العمل التنفيذي المحدود. ولا أنفي أن المحاور التي أعلن عنها لم تكن جاذبة بالقدر الذي يحرضني على المشاركة بالبحث في أحدها, لكني أتمنى أن تتفوق البحوث وتصعد بالمحاور التي وجدتها أقل من الملائمة لمؤتمر تقوم عليه وزارة بأكملها. محمد المزيني: اقتراب من قضايا المثقف وهمومه ما يميز هذا المؤتمر تبني وزارة الثقافة والإعلام له ممثلة في وكالتها للشؤون الثقافية, ونلاحظ هنا أن المؤتمرين الأول والثاني أخذا طابعاً أكاديمياً بحتاً، قُدمت خلاله عدد من البحوث، طبعت في عدد من المراجع, وبمطالعة سريعة لمحاور المؤتمر الثالث نلمس هذا الامتياز الذي يخصّه لاقترابه جداً من قضايا هموم المثقف والمبدع، وقد كان للتماس المباشر بهم من وكالة الثقافة عبر السنوات الماضية منذ إنشائها أثره الطيب في تكوين قاعدة إدارية جيدة، والاستحواذ على همومه وطرح محاور تعنيه ما سيمكن من كشف كثير من الضعف والقوة داخل الحراك الثقافي من معين الأبحاث المقدمة، وكشف ما كان يتوارى خلف هذا الكم المعرفي والإبداعي لسنوات فائتة، وقياسها بمعياري السلب والإيجاب ووضع الحلول لها ودعمها بالشكل الذي يحفز المثقف والمبدع على تقديم عطاءات أكثر. من جهة أخرى، تأتي مشاركة المرأة من طبيعة ما تقتضيه الظروف الراهنة في الوسط الثقافي والإبداعي، الذي يشترك فيها المرأة والرجل على حد سواء, وهذا ما سيوفر مناخاً ذا صدقية عالية في التعاطي مع القضايا وبسطها بكل أريحية من دون تهميش طرف أو إقصاء آخر. هدى الدغفق: لا تغيير مفاجئ بالنسبة لي لا اعتقد أن هناك تغييراً مفاجئاً سيتبناه مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث، بخاصة وأن المشرفين عليه عموماً هم ذاتهم من يعملون في مؤسسات ثقافية هم مسؤولون عنها تغييراً، فالتغيير ليس بحاجة إلى مؤتمر ليتم، والمأمول تعبنا منه حتى غدا لا مأمولاً. فماذا تأمل من مجموعة بحوث مقدمة من شخصيات عدة متفاوتة في الاهتمامات والاختصاصات؟ ما ألحظه حقاً هو أن المؤسسة الثقافية بشكل عام متمثلة في وزارة الثقافة تتبنى كل الاتجاهات وكافة الاهتمامات والطروحات، بينما لا نجد أي اهتمام وتقدير يوازي، ذلك الاهتمام والاحتضان والرعاية التي تقوم بها وزارة الثقافة من جهات أخرى، مثل: وزارة التعليم العالي والجامعات الخاصة والحكومية وجهات أخرى ينتمي إليها أفراد احتفت وزارة الثقافة بنتاجهم وعطاءاتهم. طلال الطويرقي: ليس هنا غير بحوث ومحاور أعتقد أننا بالحديث عن المأمول نتحدث عن حلم ينطلق من الواقع. والواقع من خلال ما نشر في الصحافة لا يتجاوز تناول بحوث ومحاور معينة أعدت سلفاً عن أدبنا، وما يمكن أن يقال حوله, وبشكل أدق دراسته. أحلم حقيقة أن تكون تلك الدراسات والبحوث متقاطعة مع الواقع وقائمة عليه. تقول وتفصح آخذة بعين الاعتبار التجارب الشابة وما تزخر به من تجدد وطرح مختلف وعدم الاكتفاء بمنجزاتنا السابقة فق، والوقوف عندها بدءاً وانتهاء. فالرؤى تتكامل ولا تتفاضل بين ما أنجز وما ينجز وما سينجز، ولذا فالحلم واسع والأمل فسيح والرؤيا تتسع. كما أعتقد أن مشاركة المرأة سيعد إضافة مهمة للمؤتمر، حين نوقن تماماً دورها الفاعل في مشهدنا الثقافي وحضورها حتى على الصعيد الخارجي كجزء من هذا المشهد.