بددت كارثة نوفمبر الصورة الجميلة التي يحتفظ بها الصغار في مخيلاتهم عن المطر، وحولته إلى كابوس يؤرقهم كلما تلبدت السماء بالغيوم، لاسيما وأن أحداث «الأربعاء» كشفت الجانب المظلم عن السيول ورسمتها كابوساً مخيفاً في أذهانهم. وفيما كانوا قبل الكارثة يستقبلون الغيث بفرح وبهجة وترديد الأهازيج الشعبية، تسللت فوبيا المطر إلى نسبة كبيرة منهم، والخوف من غدره كلما بكت السماء بقطرات حولهم. ويقول الطفل سلمان الأحمد: «بات منظر السماء وهي ملبدة بالغيوم يخيفني، ويذكرني بالسيول الجارفة التي اقتلعت كل ما اعترض طريقها»، مشيراً إلى أنه لم يذهب إلى المدرسة في الأيام الثلاثة الأولى «خشية انهمار المطر وتدفق الطوفان». وتصف شقيقته رغد المطر ب«المخيف»، الذي لم يعد كما كان في السابق يحمل الخير للناس، بل يجر نحوهم المآسي والكوارث، متمنية أن تتخلص من فوبيا المطر التي أصبحت وكثيرات من صديقاتها يعانين منها. وتتذكر أمل الزهراني وهي أم لثلاثة أطفال الساعات العصيبة التي عاشتها وصغارها أثناء تساقط المطر وتدفق السيل إليهم بعنف، مشيرة إلى أنه استحال كابوساً يؤرق أطفالها «لاسيما وأنهم عايشوا كثيراً من المآسي التي وقعت في الحي بأعينهم». وقالت: «حطم السيل أجزاء واسعة من الطابق الأول في بنايتنا، ووصل إلى أجزاء من الطابق الثاني، فيما لم نجد سبيلاً للنجاة سوى بالصعود إلى السطح»، لافتة إلى أنها وصغارها شاهدوا الطوفان وهو يجرف المركبات المحيطة بمنزلهم.وأضافت: «وهو ما أدخل الخوف والرعب في نفوس صغاري من المطر الذين كانوا يحتفون بهطوله قبل أن يكشر عن أنيابه الأربعاء قبل الماضي». وتصورت الزهراني المشهد الذي عاشته يوم الكارثة قائلة: «تعالت الأصوات واختلطت ببكاء الصغار، وعمت الفوضى المكان، وفوجئنا بمناظر لم نكن نتوقعها على الإطلاق» موضحة أن الأهالي سيؤرخون بذلك اليوم الذي لا تنساه البلاد على الإطلاق. وتابعت: «مكثنا في منزلنا لليوم الثاني على التوالي بمشاركة سكان الطابق الأول بعد أن تضرر أثاثهم، إلى أن جاء الدفاع المدني وطلب منا إخلاء المنزل إلى منزل أحد أقاربنا».