هجر الفنانون والمثقفون في مدينة الديوانية (180 كلم جنوب بغداد) البيت الثقافي في المدينة الذي كان يجمعهم ويحتضن نشاطاتهم المسرحية وأمسياتهم الثقافية بعد تمكن الأحزاب السياسية من فرض سطوتها على البيت. وقال مدير «البيت الثقافي الوطني» في مدينة الديوانية ماجد زغير ل «الحياة» ان «البيت الثقافي كان ملتقى الفنانين والمثقفين يعرضون فيه مسرحياتهم ولوحاتهم ويقيمون مرابد شعرية». وأضاف: «توقفت هذه الاعمال وهجر الكثير من المثقفين البيت بعد تدخل رجال الأحزاب وسطوتهم على البيت الثقافي الذي هو في الواقع مؤسسة تعود ملكيتها الى الدولة». وزاد: «القانون لا يسمح لأي حزب سياسي بالتدخل في عمل البيت الثقافي أو اقامة امسيات سياسية على مسرحه، لكن نفوذ هذه الأحزاب يجعلنا نتخوف من ممانعتها». وتمر الثقافة العراقية منذ سنوات بمحنة الفصل بين ما هو سياسي وما هو ثقافي فتحشر النشاطات ذات الدلالات السياسية بتلك الثقافية. وأكد نائب مدير الفرقة المسرحية للتمثيل في الديوانية حسين العراقي ان «الأحزاب النافذة في المدينة تمارس سطوتها على البيت الثقافي». وأضاف انه «بدلاً من عرض اعمال فنية وثقافية يستخدم البيت لخطب الاحزاب السياسية ومؤتمراتها وندواتها». وطالب باستقلالية الثقافة والفن عن السياسة والسياسيين. ويتهم مدير «منظمة بدر» التابع للمجلس الاسلامي الاعلى في الديوانية سليم كاظم الحزب الحاكم في المدينة «حزب الدعوة» باستغلال البيت الثقافي لمصالحه الانتخابية والسياسية». ويضيف ان «بعض الاحزاب يستغل نفوذه، في اشارة الى (كتلة دولة القانون في مجلس المحافظة)، لجعل البيت الثقافي منطلقاً لدعم برامج دعائية». لكن القيادي في «حزب الدعوة»، مكتب الديوانية فيصل رحيم نفى اي دور لحزبه في الضغوط على البيت الثقافي». وقال محافظ الديوانية سالم حسين ل «الحياة» ان «الأحزاب السياسية لا تمتلك أية سلطة لاستخدام دوائر الدولة واذا حصلت حالة كهذه تعتبر مخالفة قانونية»، وأشار الى ان «على مدير البيت الثقافي بدل الاعلان في وسائل الإعلام عن تجاوزات كهذه ان يرفع دعوى قضائية ضد المتجاوزين من الأحزاب». ورأى الشاعر سعد ناجي علوان ان «ضعف إدارة البيت الثقافي وعدم وجود مركزية في العمل، والانحياز إلى شخصيات سياسية مؤثرة في اختيار الإدارة، ادت الى حصول هذه الاتهامات بين اطراف متنازعة للسيطرة على البيت الثقافي». وأضاف علوان «ان الدعم الرسمي غائب تماماً ولا نجد المؤسسات الرسمية الا في حال أرادت استثمار البيت الثقافي لعقد ندوات أو فعاليات لا تمت الى الثقافة بصلة». وأشار الى ان «البيت الثقافي استسلم الى روتينية مرجعياته الرسمية وغياب رهانها الثقافي ليبقى حلماً صعب التجسد وواقعاً مشبعاً بالأماني الرطبة الخائفة من نفسها أولاً ومن تقاطعات الوجود السلطوي».