تحيط السهول بجنين من كل جانب. فالمدينة الفلسطينية التي دعيت "عين جانيم"، وهو الاسم الذي أطلقه عليها مؤسسوها الكنعانيون ويعني "الجنائن"، تُعد سلة الغذاء الفلسطيني في الضفة الغربية. ورد اسم جنين في المخطوطات المصرية والبابلية والآشورية، كما ورد في التوراة والإنجيل. وهي تحتضن عدداً من الآثار العريقة مثل العيون المائية، الطواحين، الأنفاق، الكنائس، والمساجد، وأبرزها الجامع الكبير الذي يعد من أقدم التحف المعمارية العثمانية في البلاد، وكنيسة برقين وهي ثالث أقدم كنيسة في العالم. وعلى المدخل الجنوبي لمدينة جنين، توجد مقابر شهداء الجيش العراقي تظللها أشجار اللوز والزيتون، وتضم العشرات من الجنود العراقيين الذين قاتلوا خلال معارك الدفاع عن المنطقة في مواجهة العصابات الصهيونية عام 1948 وتمكنوا من استعادة جنين وتحريرها. فمحافظة جنين شهدت عبر التاريخ الكثير من المعارك، وكافح أهلها بشراسة للدفاع عنها والصمود فيها، وليس مخيم جنين إلا صورة من صور هذا الصمود. والمخيم الذي يعد الأكبر في محافظة جنين، وثاني أكبر مخيم في الضفة الغربية، لا تزيد مساحته عن كيلومتر مربع واحد، يقطنه أكثر من 16 ألف لاجئ. ومن "كاراج المدن" الذي يصل جنين بالمدن الأخرى في الضفة، يمكن رؤية كنيسة "دير اللاتين" العتيقة، تقابلها سينما جنين التي افتتحت في عام 1958 وتعد معلماً ثقافياً بارزاً، غير أنها أقفلت لمدة 22 سنة، وأعيد افتتاحها عام 2009 وتعرض فيها الأفلام الوثائقية والأفلام العربية الكلاسيكية والحديثة، إضافة إلى أفلام الأطفال. وجنين التي تستسلم للسكون ليلاً في عادة ورثتها عن أيام الاجتياحات المتكررة وانعدام الأمان، هي ذاتها مزدحمة مفعمة بأصوات السيارات والمارة والأغاني نهاراً. وتنتشر المطاعم والمحلات والمجمعات التجارية في أرجائها. أما الصوت الأكثر طغياناً على بقية الأصوات، فهو صوت الباعة في الأسواق (سوق الحلال، الحسبة، شارع أبو بكر....) وهم ينادون على بضائعهم ويعلنون تنزيلات مغرية. وتشكل الزراعة مورداً أساسياً لمحافظة جنين، فإلى زراعة اللوزيات والزيتون والحمضيات، تشتهر محافظة جنين بزراعة البطيخ، وهناك "دوار البطيخة" في جنين على شكل فاكهة البطيخ، وذلك لاشتهارها به. ويوم السبت من كل أسبوع، يقصد عرب ال48 وبقية مدن الضفة جنين للتسوّق بسبب رخص الأسعار فيها، ما يشكل عاملاً لازدهار المنطقة وتخفيف التردي الاقتصادي فيها. وتمتاز جنين بجمال معمارها السكني للبيوت المعمارية، لاهتمام السكان بالحجر الأبيض في البناء، كيف لا ومدينة قباطية الملقبة "بقلعة الذهب الأبيض" وتبعد 6 كيلومترات عن مدينة جنين، تحتوي على 50 محجراً لصناعة الحجر الأبيض.