في الوقت الذي يقود فيه مساعد وزير الدفاع والطيران المفتش العام للشؤون العسكرية الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز الحرب على «المتسللين» في الجنوب لردع «المتمردين» ودك أوكارهم وهدم جحورهم كان الجيش السعودي حاضراً في كارثة مطر جدة لإغاثة الأهالي والمنكوبين جراء السيول التي جرفت العشرات وشردت المئات. استجابة عسكرية فورية للجيش السعودي ل«الحرب المائية» في مناطق «الموت» في جنوب وشرق مدينة جدة، من خلال تحرك قوافل الجيش وسيارات الهمفي، وعشرات سيارات نقل الجنود والمعدات ومولدات الكهرباء، ودفعت بسيارات إسعافية عسكرية أشبه بالمستشفيات الميدانية للمشاركة في إدارة الأزمة التي وقعت على «الجداويين». هذا الجيش الذي تغذى بالفكر الوطني والتدريب العالي على تجاوز "الأزمات" صفق له «الجداويون» حال رؤيته في أرض المعركة "المائية" في المناطق المنكوبة في جنوب وشرق عروس البحر الأحمر، ليكون جدار الحماية لهم بطوقه الأمني الخارجي لإصلاح ما دمرته أمطار «نوفمبر». رؤية قوات الجيش أشعرت «الأهالي» بالراحة والطمأنينة على رغم حجم الكارثة، خصوصاً مع انتشار قوات الجيش في المناطق المنكوبة وسراديب أحيائها، وأسهم بآلياته في عمليات الدخول والخروج للمركبات والأشخاص كافة، إضافة لمساندته للأجهزة الأخرى بالبحث والإنقاذ، معززاً بذلك جهود الفرق الأرضية والجوية في عملياتها الإغاثية. المراقبون بدورهم يشيرون إلى أن الجيش السعودي خلافاً لكونه الذراع القوية التي تبطش بالأعداء جواً وبراً وبحراً، هو الذراع الحانية ذاتها التي أسهمت بفعالية في إنقاذ الأهالي وتضميد جراح المصابين في جدة. «تكنولوجيا المياه» حاضرة في رأس مساعد وزير الدفاع والطيران المفتش العام للشؤون العسكرية، ويتجسد ذلك في تأسيسه لكرسي الأمير خالد بن سلطان لأبحاث المياه في جامعة الملك سعود، الذي لم يستفد منه الكثير من الجهات في أعمالها والمتمثلة بإعادة استخدام مياه الصرف وتقنيات معالجتها المتقدمة، خلافاً لتكنولوجيا الأغشية المعالجة للمياه ومياه الصرف الصحي. المراقبون انتقلوا من الحديث عن تقنية مقاتلات "التايفون" التي تحوي تكنولوجيا حربية متطورة للدفاع عن سيادة السعودية والتي سيتم تصنيع جزء منها في البلاد، وذهبوا في أحاديثهم الآن عن إستراتيجية الأمير خالد بن سلطان في قيادته ل «حرب المياه»، واهتمامه بهذا المورد المهم، ليس برؤية عسكرية فحسب، بل برؤية علمية تقنية خالصة. ويقول أستاذ الهندسة البيئية الدكتور وليد زاهد، ان كرسي الأمير خالد بن سلطان لا يزال يعقد الندوات وورش العمل الخاصة باستصلاح مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها من خلال درس الفرص والتحديات التي يشارك فيها خبراء دوليون في هذا المجال، إضافة إلى أن هذا "الكرسي" يحمل الكثير من الوعي بأهمية حماية البيئة من التلوث والاستفادة من مياه الصرف الصحي والتي تعد مورداً مائياً مهماً واستراتيجياً لاستخدامات الشرب والري وأغراض صناعية أخرى. ويرى مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية الدكتور أنور عشقي في حديث ل "الحياة" أن بعض الكوارث عالية الخطر تعرض الأجهزة الأمنية والقطاعات المعنية لضغوط ونقص في الكوادر البشرية أو المعدات، وهو ما حصل في كارثة أمطار جدة ما استدعى تدخل قوات الحرس الوطني والقوات المسلحة للمساندة والتعزيز بالجنود والآليات. وقال: «إن تجربة القوات المسلحة في الجنوب وحربها ضد المتسللين وهم المتمردون الحوثيون، ونشاطها وتعزيزها للحرب ضد السيول والمياه في المنطقة الغربية من شأنهما أن ينعكسا إيجاباً على مراكز الدراسات الإستراتيجية العالمية، نظراً للتدريبات العسكرية التي يخضع لها جنود القوات المسلحة طوال العام، وتنتهي بمناورات كبيرة تكسبها الخبرة والمعرفة لمواجهة الأخطار بأشكالها كافة».