كيف يرى الفوتوغرافيون الأجانب السعودية اليوم؟ يزخر أرشيف الذاكرة البصرية المحلية الذي أسهم في تأسيسه مستشرقون ورحالة وعلماء مستكشفون وصحافيون أجانب، بالكثير من المعلومات التوثيقية عن جوانب الحياة بمظاهرها المختلفة في السعودية منذ منتصف القرن السابع عشر الميلادي. ويرجع لهم الفضل في التعريف بالفن الفوتوغرافي وتطوير وثائق بصرية تمكّن الباحث من دراسة بنية المجتمع وتأثير المكان في تكوين هوية أفراده وطبيعة عاداتهم ونمط التراث المعماري. تنوعت مواضيع أعمالهم الفوتوغرافية، منهم من اختار التركيز على الجانب التسجيلي، مثل المستشرق الهولندي ك. سنوك هورخورنيه الذي زار مكة عام 1887، والتقط صوراً لمظاهر الحج ونشر مذكراته في كتاب أعادت طباعته دارة الملك عبدالعزيز بعنوان: «صفحات من تاريخ مكة»، أيضاً توماس ابركرومبي الذي أرسلته مجلة ناشونال جوغرافيك في منتصف الستينيات الميلادية للموضوع نفسه، وعرضت أعماله في معرض نظم قبل ثلاثة أعوام في جولة داخل المملكة. بينما حاول المستشرقون والرحالة توثيق مظاهر حياة البدو مطلع القرن الماضي، ومن أجل ذلك اجتازوا الربع الخالي، مثل ويلفرد ثيسجر وسانت جون فيلبي، كل هذه الصور التي لا مثيل لها وبخاصة الموجودة في كتاب الرمال العربية لثيسجر أو مبارك بن لندن تعبر عن شجاعة ابن الصحراء ونبل أخلاقه. في الثمانينيات انطلقت موجة الكتب المصورة بدعم من دور نشر عالمية، نذكر على سبيل المثال انجلو بسكو وكتابيه عن جدة والطائف، وتشيكوف مينوزا في كتابه الرائع عن نجران، وكذلك كتاب كليفتون فوستر عن التصاميم العمرانية للأبنية القديمة والحديثة في الرياض. الفرنسي تيري موغيه وثّق في كتاب مصور الرسومات المنزلية في منازل تهامة في كتاب مصور نشرته دار أسبار نهاية التسعينيات الميلادية، وقام البريطاني وليام فيسي بنشر دراسة عن الدرعية في كتاب الذي ضمّ صوراً، ونشر كتاباً آخر عن أوائل الفوتوغرافيين الذين زاروا السعودية. بعد أحداث ال 11 من سبتمبر بدأت المجلات والصحف العالمية ترغب باكتشاف التيارات الفكرية والمناحي الاجتماعية للمجتمع السعودي، ولم تعد تثق كثيراً بمصوري رويترز والوكالة الفرنسية الذين تنقصهم المعرفة بمجريات الأمور، لذلك أرسلت مصوريها للعمل على ريبورتاجات وثائقية وليس استطلاعات مصورة عن مواضيع معينة. والملاحظ أن هؤلاء الفوتوغرافيين من فئة الشباب الذين يرغبون باكتشاف المجتمع من الداخل بعيداً عن الصورة النمطية عن السعودية بكثبانها الرملية التي تظهر من نافذة الطائرة للقادمين من الخارج. ويعرض الفوتوغرافيون الأجانب الذين يعملون في السعودية صورهم في موقع فليكر أو في مواقع خاصة بهم. والمعرض الأخير في بلغراد للفوتوغرافي بوديسلاف بولاتوفيك الذي يعمل مهندساً في مدينة الجبيل، منذ أكتوبر 2007، يوضح توازن عملية التنمية مع الاحتفاظ بنهج الأصالة الراسخ في كل جوانب الحياة سواء في العمارة أو في الفن أو في أسلوب الأزياء.