واصل رؤساء تحرير صحف حكومية في مصر الهجوم على المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي الذي أعلن إمكان ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقررة العام 2011 في حال تخفيف القيود على الترشح والسماح برقابة دولية لضمان نزاهتها، فيما اعتبر وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية مفيد شهاب أن البرادعي «مخطئ» إن كان يفكر في هذا الأمر، معتبراً أنه «تنقصه خبرة العمل السياسي والحزبي». وجاء ذلك في وقت بدت فرص ترشيح البرادعي ضئيلة جداً في ظل رفض قيادات الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم المسيطر على البرلمان الحديث عن أي تعديل دستوري جديد لتخفيف الشروط التي يفرضها الدستور على أي مرشح ولا تتوافر في البرادعي الذي حدد شروطاً للاستجابة إلى الدعوات التي تطالبه بخوض الانتخابات تتطابق مع الشروط التي تطالب بها المعارضة منذ سنوات. وتتمثل شروط البرادعي في «إنشاء لجنة قومية مستقلة ومحايدة تتولى تنظيم الانتخابات، والإشراف القضائي الكامل على مراحل الانتخابات وعملية الاقتراع، ووجود مراقبين دوليين من الأممالمتحدة لرصد مراحل الانتخابات وضمان سيرها بصورة سليمة، وأن تكون عملية الترشح مكفولة لكل مواطن مصري، إضافة إلى مراجعة أسماء المقيدين في لوائح الناخبين». غير أن الوزير شهاب رد على ترشيح البرادعي خلال ندوة نظمها الحزب الحاكم لمناقشة الأجندة التشريعية في البرلمان، قائلاً إن «منصب رئيس الدولة يحتاج شخصية قيادية حزبية تتفهم طبيعة العمل السياسي». واستبعد أن يكون البرادعي يفكر جدياً في الترشح لهذا المنصب. وأضاف: «إن كان يفكر فهو مخطئ». وأشار إلى أن البرادعي «عالم مصري له قيمته وثقله في تخصصه، ولا نقلل من قيمته كمواطن مصري شرّف بلده، مثله في ذلك مثل أحمد زويل ونجيب محفوظ والكثير من المصريين المبدعين، لكن هذا لا يدعو إلى الخلط بين ما قدّمه هؤلاء وبين أمر خطير مثل الترشيح لرئاسة الجمهورية». واعتبر أن «كل ما أثير في هذا الأمر كانت وراءه مبالغة إعلامية... البرادعي مواطن مصري عالم في تخصصه مقيم في الخارج يقول رأيه، لكنه قضى فترة كبيرة خارج البلد وتنقصه خبرة العمل السياسي والحزبي». وكان البرلمان وافق العام 2005 على تعديل المادة 76 من الدستور الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية مشترطاً لقبول أوراق أي مرشح مستقل «أن يؤيده للترشيح 250 عضواً على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات، على ألا يقل عدد المؤيدين عن خمسة وستين من أعضاء مجلس الشعب وخمسة وعشرين من أعضاء مجلس الشورى، وعشرة أعضاء من كل مجلس شعبي محلي للمحافظة من أربع عشرة محافظة على الأقل»، وهو شرط يصعب على البرادعي الوفاء به في ظل سيطرة الحزب الحاكم على هذه المجالس. أما بالنسبة إلى مرشحي الأحزاب، فينص التعديل الدستوري على أن الأحزاب «التي مضى على تأسيسها خمسة أعوام متصلة على الأقل قبل إعلان فتح باب الترشح، واستمرت طوال هذه المدة في ممارسة نشاطها مع حصول أعضائها في آخر انتخابات على نسبة خمسة في المئة على الأقل من مقاعد المنتخبين في كل من مجلسي الشعب والشورى، فيحق لها أن ترشح لرئاسة الجمهورية أحد أعضاء هيئتها العليا متى ما مضت على عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة على الأقل». وبدا أن أحزاب المعارضة التي لا يحوز أي منها أساساً النصاب المطلوب من مقاعد البرلمان لطرح مرشح، لن يقدم على ضم البرادعي، كما أن موقفه هو شخصياً غير واضح من هذا الأمر، إذ أنه طالب بإتاحة الترشح لأي مواطن بعيداً من كونه قيادياً في حزب سياسي. وقال قيادي في حزب «الوفد» ل «الحياة» فضل عدم ذكر اسمه إن «الحزب منشغل في هذه الفترة بانتخابات البرلمان، وبعدها سيناقش ملف انتخابات الرئاسة، لما للانتخابات البرلمانية هذه المرة من أهمية استثنائية». ولم يبد أي حزب رغبة في ضم البرادعي بعدما أصدر بيانه الذي حدد فيه شروط ترشحه للرئاسة، كما أن الانتخابات البرلمانية ستنتهي قبل أشهر من إجراء انتخابات الرئاسة ما يعني أن ضم البرادعي إلى أي حزب معارض بعد الانتخابات البرلمانية لن يسمح له بالترشح عن الحزب لأنه لن يكون قد مر عام على انضمامه. والخلاصة أن طريق ترشيح البرادعي لرئاسة مصر ليس سلساً، لكنه مفروش بالعوائق الدستورية التي لا يُتوقع أن تُعدل.