كرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو القول أمس إن قرار تعليق بناء مساكن جديدة في مستوطنات الضفة الغربية لعشرة شهور هو «موقت ولمرة واحدة»، وإن البناء سيُستأنف فور انتهاء الفترة «حتى إن عاد الفلسطينيون إلى طاولة المفاوضات». وفي غضون ذلك، أفادت تقارير صحافية أن المؤسسة الأمنية بحثت أخيراً في احتمال أن يقدم مستوطنون متطرفون على محاولة اغتيال رئيس الحكومة أو وزير الدفاع ايهود باراك، في وقت أعلن عدد من قادة المستوطنين أنه سيواصل البناء على رغم أوامر المنع. وقبل اجتماع الحكومة الأسبوعي أمس، دعا نتانياهو في الاجتماع الأسبوعي لوزراء حزبه «ليكود» الوزراء ونواب الحزب وقادة المستوطنين إلى احترام القانون وتنفيذ قرار الحكومة الأمنية المصغرة تعليق البناء، موضحاً أن القرار موقت ولا يتعلق باستئناف العملية السياسية. وأضاف: «حتى إن جاء (الرئيس محمود عباس) أبو مازن وقال إنه يريد تحقيق السلام الآن، فإننا سنستأنف البناء كما كان في السابق لأن قرار الحكومة حدد وقتاً لتعليق البناء». من جانبه، أكد وزير البيئة القريب من رئيس الحكومة غلعاد اردان رسالة الطمأنة هذه للمستوطنين، وقال إن نتانياهو أوضح بصريح العبارة أن التعليق الموقت للبناء بقي له تسعة شهور و20 يوماً، وأن «الأمر ليس متعلقاً أبداً بما ستقوم به جهات أخرى بضمنها أبو مازن». وكرر نتانياهو الكلام ذاته في مستهل جلسة الحكومة، وقال: «أريد أن أوضح أن تعليق البناء هو للفترة التي تم تحديدها وليس لما بعدها. هذا قرار لمرة واحدة وموقت وهو ليس غير مشروط بزمن أو أن لا نهاية له». ودعا الوزراء إلى التعاون مع الجيش في تنفيذ القرار في شكل سلس من أجل احترام القانون. كما دعا قادة المستوطنين إلى التحلي بضبط النفس باعتبار القرار «خطوة ستساعد إسرائيل في الحلبة الدولية». وأضاف انه يدرك أن القرار ليس سهلاً على قادة المستوطنين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) كما أنه لم يكن سهلاً على متخذيه. نحن نتحدث عن أجزاء من الوطن ... عن قلب وطن شعب إسرائيل ... عن مواطنين إسرائيليين هم أخوة لنا هم جزء منا ونحن جزء منهم ... اتخذنا القرار لأنه يخدم مصالح إسرائيلية وطنية كثيرة». وتابع: «اليوم يرى العالم من يريد السلام ومن يرفضه ... إسرائيل تريد السلام وهذا ما أكده قرار الحكومة الأمنية المصغرة». وأشار إلى قراره تشكيل طاقم وزاري خاص «ليس فقط من أجل وقف بناء مساكن جديدة، لكن أيضاً من اجل ألا يتوقف البناء الجاري حالياً ومن أجل تذليل صعوبات بيروقراطية لا لزوم لها». عصيان المستوطنين من جهتهم، أعلن قادة المستوطنين أنهم سيواصلون خرق أوامر تعليق البناء «حتى إن كلفنا الأمر ثمناً باهظاً». ودعت «منظمة مستوطني غوش عتسيون» في اجتماع احتجاجي نظمته مساء أول من أمس في مستوطنة «عوفرا» المستوطنين إلى عدم الامتثال لأوامر استدعاء لجيش الاحتياط خلال فترة تعليق البناء، كما دعت الشبان الملزمين الخدمة العسكرية إرجاء تجندهم إلى ما بعد فترة تعليق البناء. واعتبرت أوساط عسكرية هذه الدعوات محاولات لعصيان الأوامر العسكرية، في وقت وزعت المنظمة تعليمات خطية للمستوطنين تتعلق بكيفية التحايل على أوامر تعليق البناء «مثل البناء في الليل» ومراقبة خطوات مفتشي البناء، وحتى ملاحقتهم بهدف الإساءة إلى سمعتهم ومضايقتهم في البلدات التي يقطنونها. وقال رئيس مجلس المستوطنات (ييشع) داني ديان في الاجتماع إن المستوطنين سيخرقون الأوامر بوقف البناء «حتى ان كلفهم ذلك ثمناً». من جهته، دعا رئيس «لجنة مستوطني بنيامين» باسم رئيس التكتل الاستيطاني المستوطنين إلى البناء على رغم أوامر المنع، «وكل ما سيتم بناؤه ستتم المصادقة عليه بأثر رجعي من جانب المجلس عندما تعاد له صلاحيات إصدار تراخيص البناء». في غضون ذلك، حذر وزير الصناعة عضو الحكومة الأمنية المصغرة بنيامين بن اليعزر من أن تبلغ احتجاجات المستوطنين الحالية مستوى التحريض الذي مهد لاغتيال رئيس الحكومة السابق اسحق رابين (على يد متطرف يهودي أواخر عام 1995). ونصح قادة المستوطنين بالتأني قبل إطلاق تصريحاتهم «لأن لكل شيء حدوده». وكانت وسائل إعلام عبرية أفادت أمس أن الأجهزة الأمنية تبدي مخاوف من تصاعد التهديدات على حياة نتانياهو في أوساط اليمين المتطرف، ما يتطلب تشديد الحراسة الشخصية. وأغلقت الشرطة أمس الشارع المؤدي إلى مكتب رئيس الحكومة في وجه المشاة لمنع إمكان تجمهر متظاهرين خلال اجتماع الحكومة. وأفادت صحيفة «معاريف» أن الأجهزة الأمنية تبدي القلق ذاته من احتمال تعرض باراك لمحاولة اغتيال. ونقلت عن مسؤول أمني رفيع قوله إن الخشية هي من ان تترجَم معارضة قادة المستوطنين قرار تعليق البناء «على يد أعشاب ضارة في أوساط المستوطنين كتصديق للضغط على الزناد». وربطت مصادر أمنية بين تصعيد المستوطنين احتجاجاتهم وبين إشعال النار في منزل فلسطيني وسيارتين في قرية عين عبوس في محافظة نابلس. ويشتبه بأن مستوطنين أقدموا على الفعلة في إطار سياسة المستوطنين المعروفة ب «التسعيرة» التي يجبونها من الفلسطينيين القاضية بالاعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم في كل مرة يتحرك الجيش الإسرائيلي لإخلاء بؤرة استيطانية أو تعليق البناء. وكانت مستوطنة «يتسهار» وزعت تعليمات للمستوطنين على شبكة الإنترنت قالت فيها: «إذا لم يتحقق الهدوء لليهود، فإنه لن يتحقق للعرب ... إذا انتصر العرب بواسطة العنف ضد اليهود فإن اليهود سينتصرون على العرب بواسطة العنف». وتوقعت الأوساط الأمنية أن يبلغ احتجاج المستوطنين ذروة جديدة هذا الأسبوع مع وصول مفتشي البناء مع الأوامر لمنع البناء، إلى بؤر استيطانية عشوائية غير قانونية حيث يرتع عادة غلاة المتطرفين.