في 19 آذار (مارس) من العام الحالي تبادل أعضاء «الحملة الوطنية الشبابية لخفض سن الاقتراع» التهاني على درج البرلمان اللبناني بعد تصويت النواب بالإجماع على اقتراح قانون لتعديل الدستور يتيح مشاركة الشباب من عمر 18 عاماً في الانتخابات. الإنجاز النيابي استحق الاحتفال بعد مسيرة طويلة من المطالبة بإشراك الفئة الشبابية في اختيار ممثلي الشعب، بما يعني مشاركة مباشرة في القرار السياسي على مستوى الوطن، وفي ترك بصماتها على العمل البلدي من خلال انتخاب الأكفأ والأفضل لتنفيذ المشاريع التنموية والاجتماعية والرياضية... في دائرتهم البلدية الأصغر. لكن الاحتفال لم يكن كاملاً والخطوة النيابية قوبلت بطرح تساؤلات شبابية لم تجد بعد من يجيب عليها، والسؤال الأكبر يختصر ببضع كلمات «متى يحين وقت التنفيذ؟». للسؤال مشروعيته خصوصاً أن الاستحقاق الأقرب لمشاركة 283 ألف ناخب، عدد الذين تشملهم الفئة العمرية بين 18 و21 عاماً، هو الانتخابات البلدية المقرّرة مبدئياً في أيار (مايو) من العام المقبل. وقبلاً ضيّعت الإرادة السياسية على هذه الشريحة العمرية فرصة المشاركة في الانتخابات النيابية في حزيران (يونيو) الفائت. ومجدداً قد تؤجل الحسابات السياسية هذه المشاركة الشبابية، ذلك أن إجراء الانتحابات البلدية في موعدها المقرر في أيار (مايو) المقبل سيُبقي هذه الشريحة خارج دائرة المشاركة على اعتبار ان المهل القانونية التي توجب على وزارة الداخلية إرسال القوائم الانتخابية انتهت عملياً يوم في الخامس من كانون الأول (ديسمبر)، هذا مع العلم أن مجلس النواب وبسبب التأخر في تشكيل الحكومة وإقرار بيانها الوزاري، لم يعمد بعد الى إعادة التصويت على مشروع القانون بعد موافقة مجلس الوزراء عليه في 13 أيار (مايو) من العام الحالي. وتضغط «الحملة الوطنية الشبابية والطلابية لخفض سن الاقتراع» باتجاه دفع مجلس النواب الى إقرار تعديل يسمح لوزارة الداخلية بتمديد مهلة تسليم لوائح الشطب الى الخامس من الشهر المقبل أي كانون الثاني (يناير) 2010، في حال أجريت الانتخابات في موعدها المقرّر. ويقول الناطق باسم الحملة يوسف بسام: «إذا كانت النية السياسية موجودة لخفض سن الاقتراع فيمكن اللجوء الى هذا الاستثناء، إلا إذا تم تأجيل الانتخابات الى نهاية الصيف المقبل وعندها يمكن الالتزام بالمهل القانونية وإقرار مشروع التعديل». ويسعى أعضاء «الحملة الوطنية» الذين حضروا في آذار (مارس) الماضي جلسة إقرار المجلس لاقتراح التعديل، لحضور جلسة التصويت المقبلة في البرلمان وذلك بعد أخذ إذن خاص من رئيس مجلس النواب نبيه بري. ويضيف بسام: «اننا نسمع بتأجيل للانتخابات البلدية. في مطلق الأحوال نحن نسعى الى تأكيد حقنا في المشاركة في الاقتراع. وإذا كان دورنا في الانتخابات البلدية مؤثراً لناحية تحسين نوعية التمثيل البلدي، فهذا الدور يكون مضاعفاً في الانتخابات النيابية حيث ستكون لنا كلمتنا في صوغ القرار السياسي». وتتكئ منظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان و «الحملة الوطنية لخفض سن الاقتراع» بشكل أساسي على موقف وزير الداخلية زياد بارود، الآتي من تجربة ناشطة في المجتمع المدني، في دعم التوجه لإقرار هذا التعديل ووضعه على سكة التنفيذ، خصوصاً أن شريحة شبابية كبيرة لا تزال تعتبر «ان النية السياسية شيء والتطبيق شيء آخر»، وهي تتخوف من أن يكون الإجماع النيابي على خفض سن الاقتراع مجرد شعار لم يحن بعد موعد وضعه على سكة التطبيق. يستغرب بسام «كيف أن لبنان ودولة عربية أخرى هما الدولتان الوحيدتان اللتان تعتمدان سن ال21 للاقتراع، من أصل 141 دولة تعتمد سن ال18. المسألة باتت أكثر من ملحة ولم يعد مسموحاً التغاضي عن حق طبيعي نرفض تصويره كأنه منّة من الطبقة السياسية بل هو تأكيد على المواطنية وممارسة الحقوق السياسية والمدنية الطبيعية». وفي حسابات بسام «ان ابن الثامنة عشرة يعادل في وعيه السياسي ابن ال25 سنة، خصوصاً بعد كل الحراك السياسي الداخلي الذي شهدته الساحة اللبنانية، فلماذا هذا المنع المستمر من مشاركة الشباب في الحياة العامة، مع العلم ان الفئة العمرية التي سيشملها هذا التعديل تشكل نسبة 8,7 في المئة من مجموع الناخبين. وإذا كان هناك مخاوف من طغيان طائفة على أخرى فهذه النسبة موزعة بشكل متقارب على كل الطوائف اللبنانية، وبالتالي لا تؤثر على التوازن الديموغرافي المناطقي». تأثير الانتخابات الطلابية والجدير بالذكر ان نتائج الانتخابات الطلابية في الجامعات عادة ما تفرض نفسها على طاولة الزعماء، ومؤشراتها تنبئ بشكل أو بآخر بتراجع فريق سياسي أو تقدمه على فريق آخر. لذلك فإن الشريحة الشبابية لا تفهم تجاهل الطبقة السياسية طوال السنوات الماضية، للقدرات الشبابية في الجامعات عبر إحداث خروق مؤثرة في الحياة السياسية وفي رفع رصيد زعيم أو «حشر» آخر في قفص تراجع الشعبية، ولا تمنح بالمقابل حق التصويت في الانتخابات وفي قول كلمتها صراحة بمن يمثلها سواء في البلدية أم في البرلمان. حتى الساعة لن تسعى «الحملة الوطنية لخفض سن الاقتراع» الى القيام بأي ضغوط لإثارة هذه القضية على مستوى الرأي العام، بما أن الأمور تسلك القنوات الطبيعية. يقول بسام: «في آذار (مارس) الماضي أقر التعديل بالإجماع ثم وافق عليه مجلس الوزراء ومن المفترض بعد نيل الحكومة الثقة على أساس بيانها الوزاري الذي تحدث عن الإصلاحات الانتخابية أن يصوّت مجلس النواب مجدداً على اقتراح التعديل، وقد وعدنا رئيس مجلس النواب بوضع اقتراح التعديل على جدول أعمال أول جلسة تشريعية للمجلس. لذلك نحن في دائرة الانتظار الإيجابي ونستبشر خيراً بالنيات السياسية المؤيدة لمطلبنا المحق... والعبرة في التنفيذ». ولا يربط المناضلون من أجل خفض سن الاقتراع بين هذا المطلب والاستحقاقات الانتخابية، بمعنى ان تأجيل الانتخابات البلدية حتى لأكثر من عام، يجب ألا يلغي أو يؤجل برأيهم المسار الطبيعي لخفض سن الاقتراع والمفترض أن يشهد النهاية السعيدة في الأسابيع المقبلة».