تابع الرئيس الروماني ترايان باسيسكو زيارته لبنان امس لليوم الثاني على التوالي، واجرى محادثات مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في السراي الكبيرة ركزت على العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها في المجالات كافة، إضافة إلى مستجدات الأوضاع في المنطقة. واقيمت للرئيس الروماني مراسم استقبال رسمية وانتقل الرئيسان على الفور إلى مكتب السنيورة حيث جرت المحادثات. لقاءات اقتصادية وشملت لقاءات باسيسكو زيارة مقر غرفة التجارة في بيروت وجبل لبنان على رأس وفد اقتصادي رفيع المستوى، يرافقه وزير الدولة ريمون عودة، وكان في استقباله رئيس واعضاء مجلس ادارة الغرفة. وعقد لقاء موسع مع الفعاليات الاقتصادية وعدد من رجال الاعمال اللبنانيين، تخلله عرض حول زيادة فرص الاستثمار والتبادل التجاري بين البلدين. وعرض رئيس الغرفة غازي قريطم للعلاقات الثنائية مع لبنان، داعياً الجانب الروماني الى «الإفادة سوياً من الإيجابيات التي يتيحها موقع لبنان المميز في المنطقة، وبالتالي الترويج لاقتصادنا واقتصادهم». وأشار الى ان بلوغ هذا الهدف يوجب «أن نكثف تبادل البعثات التجارية وتنظيم المعارض التجارية وتبادل الاستثمارات بين بلدينا وتأسيس الشركات المشتركة في الصناعة والزراعة والخدمات». وتوقف باسيسكو عند الأزمة المالية العالمية وأثرها على بلاده «والتي ادّت الى تراجع الانتاج وارتفاع معدلات البطالة». وأوضح ان «الامكانات المتوافرة في رومانيا تسمح في تعزيز قطاعين مهمين تركز عليهما الحكومة في السنوات المقبلة، وهما قطاع الصناعات الغذائية وقطاع السياحة»، مشدداً على اهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للاستثمار في هذين المجالين. واعلن الرئيس الروماني ان لبنان «هو ثالث شريك تجاري لرومانيا بين الدول العربية بعد مصر والامارات»، ولفت الى ان «الاستثمار في القطاع العقاري في رومانيا مجد، على رغم التشدد بالسماح في بيع الاراضي في المدن وضواحيها». وفي حوار مع الحضور، أكد الرئيس الروماني استعداد بلاده لتنويع شركائها التجاريين، «لكننا لا نتوقع في وقت قريب تعويض اسواقنا التقليدية التي خسرناها في السابق». وأوضح ان بلاده «اهملت الاسواق العربية في العقود الثلاثة الاخيرة وركزت على الاسواق الاوروبية، وهي تأسف لخسارة الاسواق العربية مثل الكويت والعراق والاردن والامارات والسعودية ولبنان». وأشار الى «تغير بنية الاقتصاد الروماني، لجهة التخلي عن منتجات كانت تصدر في السابق الى الاسواق العربية»، مشدداً على «ضرورة ان تركز السياسات الاقتصادية المستقبلية على اعادة فتح هذه الأسواق والتخلي عن ربط الاقتصاد الروماني بحاجات اسواق محددة». ولفت الى «امكان تأسيس شركات تعمل على اعادة تنشيط التصدير الى الاسواق العربية». واذ دعا الوزير الصفدي رومانيا الى «مساعدة لبنان في تعزيز تصدير الصادرات اللبنانية الى الاسواق الاوروبية من خلال تعاون رجال الاعمال في البلدين»، رحب باسيسكو بهذه الفكرة، مقترحاً تأسيس غرفة مشتركة تعزز العلاقات الثنائية بين اسواق البلدين. غداء بري وأقام رئيس المجلس النيابي نبيه بري مأدبة غداء على شرف باسيسكو حضرها السنيورة وحشد كبير من الوزراء والنواب وأعضاء السلك الديبلوماسي في لبنان. وألقى بري كلمة اعتبر فيها ان زيارة المسؤول الروماني «تتوج جو الانفتاح القائم بين البلدين». وقال: «لبنان سيتذكر على الدوام موقف بلدكم خلال مراحل الاحتلال والعدوان الاسرائيلي على بلدنا، وندعو الى ملاحظة ان اسرائيل تواصل احتلالها لأجزاء عزيزة من ارضنا في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وتخرق يومياً الحدود السيادية الجوية والبحرية والبرية وترفض التزام تطبيق القرارين 425 و 1701 لجهة وقف اطلاق النار والانسحاب غير المشروط من الاراضي اللبنانية». ودعا بري ضيفه كي تقود بلده «حملة من خلال الاتحاد الاوروبي من اجل وقف الاحتلال والعدوان الاسرائيلي وكذلك وقف تلويح اسرائيل باستخدام القوة ضد لبنان». وتوقف عند «ما يصيب اشقاءنا في فلسطين»، مشدداً على «ان سلام الشرق الاوسط سيبقى متوقفاً على تحقيق اماني الشعب الفلسطيني في العودة الى ارضه، ودوركم كبير جداً». وأعرب باسيسكو عن «ارتياح كبير» لزيارته لبنان وقال ان المحادثات التي اجراها «اقنعتني بأن العلاقات بين رومانيا ولبنان تصبح اقوى وأقوى ولها آفاق جيدة. رومانيا تعد من البلدان التي تفهم جيداً الوضع في الشرق الاوسط ونحن مرتبطون الارتباط نفسه بحوالى نصف مليون روماني يعيشون في اسرائيل، وكذلك بالجاليات الرومانية الموجودة في البلدان العربية كلبنان وسورية ومصر وغيرها». وأضاف: «مواقفنا كانت دائماً متطابقة مع القانون الدولي، اؤكد ذلك الآن وسأستمر في تأكيده. للشعب الفلسطيني الحق في الحكم الذاتي والسيادة على كامل اراضيه. ومن جهة اخرى، فإن اسرائيل بحاجة الى الامن، ونحن على يقين بأنه لا يمكن التحدث عن السلام في الشرق الاوسط من دون ايجاد حلول للنزاع الفلسطيني - الاسرائيلي وفقاً لقرارات مجلس الامن». وزاد: «نحن لا نكذب على احد ولكن اريد ان اقول لكم انني على يقين من ان الحل موجود في ايدي بلدان المنطقة. كما اقول لكم ان رومانيا ترى الحلول التي قدمت في اطار المبادرة العربية مناسبة وسنستمر في دعم حق لبنان في السيادة على كامل اراضيه وسلامتها. لذلك سندعم لبنان من دون اي تحفظ في خريف هذا العام للحصول على مقعد غير دائم في مجلس الامن. وأعتقد ان في مقدور لبنان ان يؤيد قضايا المنطقة من هذه الصفة في مجلس الامن». وغادر الرئيس الروماني والوفد المرافق بيروت عائداً الى بلاده.