اختنقت شوارع بيروت ظهر امس بازدحام سير غير عادي، مردها الاجراءات المواكبة لحدث «سباق ماراتون بيروت الدولي» الذي تستضيفه العاصمة اللبنانية سنوياً، الى جانب الحركة المواكبة لموسم الاعياد. وبلغت صرخة الناس الذين علقوا ساعات في سياراتهم مسامع وزارة الداخلية التي بدا ان التدابير التي اتخذتها قبل 24 ساعة من عطلة الاسبوع للتخفيف من هذه الازمة لم تجدِ نفعاً، فلا زيادة لعناصر شرطة السير في شوارع بيروت وضواحيها كما وُعد المواطنون، ولا اجراءات تقمع فوضى بلغت اقصاها في شوارع ضاقت امام حركة السير بفعل تحويلها من مواطنين الى مواقف سيارات وحتى معارض لبيع السيارات وليس مهماً اذا كان «المعرض» رصيفاً او «فاصلاً» بين طريقين، الى جانب تعديات فاقعة من قبيل تحويل الارصفة وحتى امتار من الطرق الى مقاه للترفيه. ودفعت الاتصالات الهاتفية التي توالت على الوزارة بالوزير زياد بارود الى النزول شخصياً الى اكثر التقاطعات ازدحاماً، مسلك جسر شارل الحلو باتجاه الصيفي - ساحة الشهداء، لتبيان الاسباب. وتردد بين الناس ان الوزير اشرف شخصياً على فتح الطرق، لكن وبحسب كتاب صادر عنه، وموجه الى المديرية العامة لقوى الامن الداخلي تبيّن له «شخصياً ان الازدحام المذكور ناتج عن اقفال المسلك المؤدي الى الساحة المذكورة عند تقاطع مبنى جريدة «النهار»، في وقت الذروة، في غياب أي اجراءات فعالة تؤدي الى انسياب السير او تحويله بصورة تمنع الاختناق، وما فاقم سوء الوضع الغياب الكلي لأي عنصر من مفارز السير، بدءاً من أول جسر شارل حلو وحتى نقطة قطع الطريق ضمناً»، معتبراً ان «هذا الغياب ينطوي على تقصير فاضح وعدم تحمّل للمسؤولية من قبل المعنيين». وردد الوزير بارود بذلك صدى «النقمة لدى المواطنين»، اذ ضمن كتابه هذه النقمة التي اعتبرها مشروعة، وكشف انه «تبيّن من مراجعة محافظ مدينة بيروت وقائد شرطة بيروت، أنهما لم يوافقا، خطياً، على اقفال الطرق». وطلب بارود في كتابه الى المديرية «استناداً الى ان اقفال الطرق العامة المشكو منه يكون والحال ما ذكر حصل خارج أي موافقة رسمية قبل السادسة من صباح اليوم الاحد، العمل فوراً على فرض أقصى العقوبات بحق المسؤولين تراتبياً عن: أولاً: عدم منع اقفال الطرقات العامة في غياب اي موافقة ادارية بهذا المعنى. ثانياً: عدم وجود أي عنصر من مفرزة السير على المسلك الممتد من أول جسر شارل حلو وحتى ساحة الشهداء». وطالب بارود المديرية ب «تعزيز فوري لتواجد ضباط وعناصر مفارز السير على جميع المسالك والمحاور المعنية بالموضوع والافادة قبل الساعة السادسة من مساء امس عن الاجراءات المتخذة وحتى ظهر غد الاثنين». وكان ملف أزمة السير في العاصمة فُتح قسراً على طاولة المسؤولين قبل يومين، بعدما اشارت الاحصاءات الى ان عدد السيارات وصل الى عتبة المليون ونصف المليون سيارة (ثلث سكان لبنان يملكون سيارات)... بينها نصف مليون سيارة في العاصمة وحدها، من دون احصاء عدد سيارات الوافدين إلى لبنان في موسم الاعياد. وكان الحريري ترأس اجتماعاً للغاية استكمل باجتماعات عقدت في الوزارات والإدارات المعنية، لاتخاذ إجراءات عاجلة خصوصاً في فترة الأعياد، وتقرر وضع خطة ميدانية سريعة، تمثلت بطلب تفعيل مفارز السير ومدها بالمزيد من العناصر، وتجميد موقت للحفريات والاشغال القائمة عند اكثر من تقاطع بل عند اكثر التقاطعات ازدحاماً كمستديرة الطيونة وجسر البربير وتقاطع كنيسة مار مخايل.