كتاب جديد للزميل غسان شربل، رئيس تحرير جريدة «الحياة»، صدر حديثاً بعنوان «العراق من حرب الى حرب: صدام مرّ من هنا» عن دار رياض الريّس (بيروت). يضمّ الكتاب أربعة حوارات طويلة ومعمّقة وسجالية مع أربعة وجوه كان لها حضورها البارز في الحياة السياسية العراقية وهي: حازم جواد، صلاح عمر العلي، نزار الخزرجي وأحمد الجلبي. وقدّم المؤلف الأشخاص هؤلاء، كلاً على حدة، راسماً لهم ما يشبه «البورتريه» الشخصيّ والسياسيّ، معتمداً كعادته أسلوباً يجمع بين فن السرد والتحليل حتى لتصبح المقدّمة نصاً بذاته. أما المقدّمة العامة التي وضعها للكتاب فبدت اشبه ب «المقاربة» السياسية والتاريخية للحقبة التي صعد فيها هؤلاء المسؤولون، ولما اعتراها من تحوّلات ومفاجآت سياسية وأمنية وعسكرية آلت الى الواقع العراقي الراهن. وكتب شربل هذه المقدمة بأسلوبه السلس ذي النفحة الأدبية، وبطريقته الحذقة في العرض والتحليل، وقد أحاط فيها بجوانب «الحالة» العراقية، بمفارقاتها وتناقضاتها. ومثلما غدت الحوارات السابقة التي أجراها غسان شربل مع رجالات كبار في السياسة وثائق تاريخية يعاد اليها ويستعان بها، تبدو هذه الحوارات الأربعة مرجعاً مهماً لقراءة الحقبة الأخيرة من التاريخ السياسي والعسكري للعراق. واستهلّ شربل مقدمة الكتاب قائلاً: «شعرت بشيء من القلق حين وقفت قرب جدار برلين المتداعي. كان الجدار حدود دولة وحدود امبراطورية. ألقت دولة الجدار بنفسها في أحضان الوطن الأم. وانسحبت الامبراطورية لتندحر وتنتحر. ومن الحطام السوفياتي ستولد روسيا وقياصرتها الجدد. وستفوز الولاياتالمتحدة بلقب القوة العظمى الوحيدة. وسيولد لها في بداية القرن الجديد أعداء جدد بلا عناوين معروفة. سيدمون رموز نجاحها وهيبتها وسترد بما يدمي أكثر من دولة ومنطقة». ويضيف: «باكراً رن جرس الهاتف في منزل الفريق أول الركن نزار الخزرجي رئيس أركان الجيش العراقي. إنه الثاني من آب/ أغسطس 1990. سارع الى مقر القيادة العامة فاستقبله سكرتيرها العام الفريق علاء الجنابي بجملة قصيرة قاتلة هي «أكملنا احتلال الكويت». شمّ الخزرجي رائحة الكارثة وشعر بالإهانة. بعد قليل وصل وزير الدفاع عبدالجبار شنشل فعاجله الجنابي بالجملة نفسها. هذا يحدث في العراق وحده. يجتاح الجيش بلداً مجاوراً من دون معرفة رئيس الأركان ووزير الدفاع. لم يكن الاعتراض وارداً، ففي جمهورية صدام حسين لا تجرؤ سُبابة على الارتفاع». والكتاب هذا هو السادس للكاتب بعد: «جورج حاوي يتذكر: الحرب والمقاومة والحزب» و «خالد مشعل يتذكر: حركة حماس وتحرير فلسطين» (دار النهار)، «ذاكرة الاستخبارات»، «لعنة القصر» و «أسرار الصندوق الأسود» (دار رياض الريس). والحوارات الأربعة كانت نشرت في «الحياة» تباعاً وعلى حلقات.