أثلج الوالد عبدالله بن عبدالعزيز صدرونا، وسمح لأرواحنا أن تهدأ قليلاً بعد أيام من الفاجعة بقراره التاريخي، لا أتكلم هنا عن التعويض المادي فقط إنما أتحدث عن القرار التاريخي ولجنة المحاسبة التي لا تستثني أحد، وهذا هو المطلوب في هذا الوقت وعلى جميع الأصعدة وفي كل المجالات. الوطنية ليست مادة تدرس في المدارس، وليست لبس الثوب والشماغ، وليست شراء بضاعة سعودية، وليست نشيداً وطنياً نقف احتراماً له. الوطنية هي شعور ينبع من الداخل، أن هذا الأرض أرضنا وأن كل شوارعها ملكنا وأن كل ما عليها يخصنا وأن أي تشويه فيها (يقلقنا) ويغضبنا ويوترنا ولذلك نريدها أن تكون دائماً في أبهى حلة. الوطنية هي أن نتفاعل كمسؤولين مع كل الدراسات التطويرية والتحذيرية من أبناء شعبنا المخلصين، والتي كانت وما زالت تنبئ بكوارث محتملة في مدينة جدة، ولكنها لأسباب مجهولة أهملت و ظلت حبيسة الإدراج. بعد أن أطربت آذاننا جملة شهيرة ومتدوالة هي: «كله تحت السيطرة»! الوطنية هي أن تشعر أن الوظيفة التي تعمل بها تعبّر عنك وعن قيمك وتجعلك مندوب الدولة بأكملها، وتمثّلك بالأداء الممتاز يعني تمثيلك لدولتك بشكل لائق... الوطنية أن تعلم وتؤمن يقيناً بأن المنصب الذي أعطى لك أياً كان في الأمانة أو في القضاء أو في التعليم هو تكليف وليس تشريف واختيارك يعني أنك أهل لهذا المنصب وأنك ستكون أول شخص يحاسب على مهماتك (حتى لو لم يحاسبك أحد). الوطنية أن تحاسب أنت نفسك هل قمت بأداء الدور المطلوب منك كما هو متوقع وبحسب توصيفي الوظيفي، هل صرفت كل قرش في مكانه أم لا؟! هل راعيت الله والأمانة والمثل العليا وهل حابيت قريباً وهل أخرّت معاملة مجهول لا تعرفه دون وجه حق؟!.. هل ميزت بين مواطن ومقيم بحسب لونه ودينه وشكله ومقدرته المادية؟! الوطنية (ليست شعاراً) الوطنية شعور عميق بالانتماء إلى وطن لا يحتاج إلا للشرفاء الذين يؤمنون يقيناً بأن مناصبهم هي للمصلحة العامة فقط لا غير... الوطنية هي التنزه والترفع والسمو عن كل ربح خارج وظيفته، الوطنية أن أحب وطني كما ينبغي، وأغضب عندما يطاله مكروه يسئ له نتيجه تقصير أو إهمال أو تذاكي أو استغباء!... الوطنية هي أن نستبدل كلمة «أنا» بكلمة «نحن» عندها نكون وطننين بحق. [email protected]