تردد أمس في جدة أن لجنة تقصي الحقائق في صدد إعداد قائمة أولية تضم نحو 70 موظفاً ومسؤولاً في عدد من القطاعات الحكومية، وعدداً من المقاولين، لحظر سفرهم الى خارج السعودية، إلى حين التحقيق معهم عن دورهم في فاجعة استشهاد 108 أشخاص حتى أمس، في أحدث إحصاء لضحايا الأمطار الغزيرة والسيول التي اجتاحت المدينة ومنطقتها الأربعاء الماضي. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة»: «إن اللجنة تحركت فعلياً في هذا الاتجاه، إذ نسقت مع الجهات المختصة لمنع أي فرد يدرج اسمه ضمن القائمة من السفر». ولم تحدد المصادر عدد المسجلين في القائمة، إلا أنها أكدت أن العدد يقارب 70 شخصاً. بيد أن مصادر أخرى رجحت أن يكون المنع من السفر خطوة لاحقة، وليس «ضربة» البداية بالنسبة إلى اعمال لجنة التحقيق التي كلف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز برئاستها، والتي يعتقد أنها ستعقد اول اجتماعاتها بعد غد السبت. وأضافت: «ان اعداد القائمة يتطلب مراجعات وتشكيل لجان خاصة بهذه المسألة». ولا تزال رائحة الموت تفوح من مستنقعات الأحياء المتضررة من السيول والتي تطفو فوق مياهها الجثث المتحللة، فيما يستمر البحث عن مفقودين في المناطق الواقعة شرق «طريق الحرمين»، وخصوصاً شرق حي قويزة الذي عثر فيه على عدد كبير من الضحايا خلال الأيام الماضية. وأضحت تلك المنطقة تعرف ب «برحة الموت»، حيث تجمع عدد من ذوي المفقودين في حال ترقب لمشاهدة أي جثة أو العثور عليها. وتابعت «الحياة» أمس انتشال جثتين، الأولى لرجل عثر عليها خلف «مستشفى الجزيرة»، والثانية لسيدة وجدت متحللة تحت أحد أبراج الاتصالات، ليرتفع بذلك عدد الوفيات وفق إحصاء إدارة الدفاع المدني إلى 108 قتلى. وأوضح خبير في الأدلة الجنائية أنه بعد مضي ثمانية أيام على الفاجعة، فإن اللجوء إلى الحمض النووي الريبي (DNA) غير مستبعد، خصوصاً أن معظم الجثث التي يتم العثور عليها تغيّرت ملامحها، ولا يمكن رفع بصمات منها لتحديد هويتها. وكثفت الدوريات الأمنية وجودها في تلك المناطق، واستحدثت نقاط تفتيش عند مداخل حي قويزة ومخارجه لضبط من يثبت تورطه في سرقة الأثاث والأدوات الكهربائية والمتعلقات الشخصية التي خلفها أهالي الحي عندما تركوا منازلهم بحثاً عن مأوى. ونجحت الدوريات الأمنية في تسليم 209 مشتبهين إلى أقسام الشرطة بعد القبض عليهم داخل الحي، وضبط مسروقات بحوزتهم. ولا تزال جدة، المعمورة منذ عهد أمنا حواء بحسب الروايات الشعبية، تحاول العودة إلى حياتها الطبيعية بعد كارثة الأمطار والسيول، بيد أن مواطنيها يقولون إن ذلك يتم ببطء شديد، إذ لا تزال المياه تغمر البيوت والمساجد والمكاتب الحكومية والمدارس. وألحق الفيضان أضراراً كبيرة بخمس مدارس يزيد عدد طلابها عن ثلاثة آلاف لن يتمكنوا من العودة إلى مدارسهم السبت المقبل، وهو موعد استئناف الدراسة عقب انتهاء عطلة الحج وعيد الأضحى. وعلى رغم اقتناع سائد بأن المخاوف تضاءلت في شأن تكرار مأساة الأربعاء الماضي، إلا أن سكان المدينة لا يزالون خائفين من فيضان مدمر محتمل إذا فاضت بحيرة الصرف الصحي التي تعرف ب«بحيرة المسك»، والتي تردد أن منسوبها ارتفع إلى مستويات خطرة جراء الأمطار الأخيرة.