أثار مقترح عضو مجلس الشورى الدكتور أحمد الزيلعي الداعي إلى السماح للموظف الحكومي بممارسة التجارة لزيادة دخله حفيظة أعضاء المجلس الذين شككوا في نزاهة وأداء أي مواطن يمارس التجارة على رأس العمل، في محاولة لإسقاط المقترح قبل الدرس، إلا أن حجج المؤيدين قلبت الطاولة، منها اعتراف العضو اللواء حمد الحسون صراحة بممارسة التستر. وتجاوز المقترح بفارق خمسة أصوات العقبة الأولى من التشريع البرلماني (ملاءمة الدراسة) في جلسة أمس (الإثنين)، بعد أن عززت لجنة الموارد البشرية في المجلس حجج المؤيدين بالرأي الداعم لوزارة الخدمة المدنية وهيئة الرقابة والتحقيق في تعديل المادة (13)، والتي تسمح للموظف الحكومي بالعمل وفق شروط. وقال رئيس اللجنة المهندس محمد النقادي: «الوزارة والهيئة لم تعترضا على درس الموضوع حين عرْضه عليمها، بل إن وزارة الخدمة المدنية أشارت إلى اهتمامها بدرسه ضمن مراجعتها الشاملة لنظام الخدمة المدنية». المقترح بحسب مقدمه، يتيح الفرصة للموظف الحكومي أن يمارس النشاط التجاري باسمه وفق شروط منها ضمان عدم ازدواجية المصالح، ويهدف بذلك إلى الشفافية والقضاء على التستر التجاري، وهذا الهدف أيده عدد من الأعضاء، في إشارة إلى تحايل العديد من موظفي الدولة على النظام الحالي، وممارسة التجارة بأسماء أقارب من الدرجة الأولى. وكان العضو الأكثر صراحة اللواء حمد الحسون الذي اعترف صراحة بأنه من موظفي الدولة الذي يمارس التستر، لأنه لا يستطيع تسجيل نشاطه باسمه، مضيفاً: «الكثير من أعضاء مجلس الشورى لديهم نوع من النشاط التجاري الآن ومن قبل، ويجب أن نكون واقعيين وصرحاء، ونقول الحقيقية». بينما بدأ العضو الدكتور عبدالعزيز العطيشان مداخلته بالرد على رافضين مقترح زيادة دخل المواطن بحجة احتمال الفساد والتسيب الإداري، بالقول: «التستر موجود، وعضو اعترف بممارسته، الأمينُ أمين.. والخائنُ خائن والشريف سيبقى شريفاً مهما كان، حينما تكون الشفافية موجودة من السهولة أن نعرف إذا كان للموظف الحكومي أية استفادة من جهة عمله». ولم يكتف الرافضون للمقترح برمي أسهم التشكيك في نزاهة المواطن حال إقراره، بل حاولوا مصادرة رأي البقية، وأن يربأ المجلس حتى عن مناقشته، الأمر الذي دعا رئيس المجلس الدكتور عبدالله آل الشيخ أن يطلب شطب هذا الطلب من محضر الجلسة، مضيفاً: «هذا مقترح وفكرة، ولا فيها شيء يعيب أن يدرس من المجلس». واستشهد أعضاء بتجارب موظفي شركتي «أرامكو» و«سابك» في السماح لموظفيها بممارسة الأعمال الخاصة، وفصل من تثبت استفادته من منصبه، وأن السماح يتم وفق آليات مشددة، مشيرين إلى أن ذلك لم يؤثر في إنتاجيتهم المرتفعة، إضافة إلى أن بعض الدول تسمح لموظفي الحكومة بالعمل في وظائف أخرى، وهو ما أكده عضو لل«الحياة» (فضّل عدم ذكر اسمه)، أن دولة الكويت تدرس مقترح مشابه. ولفت العضوان اللواء عبدالله السعدون ونواف الفغم إلى أهمية المقترح بسبب الفراغ الكبير لدى موظف الحكومة، وأن الموظف العام في أمس الحاجة إلى دخل آخر، وأضاف الفغم: «للأسف ما يطبق الآن تحايل كبير على النظام، اُستغلت المرأة فيه بشكل سيء عبر استخراج سجلات باسمها». وكان العضوان عبدالله الناصر وعدنان البار الأكثر حيادية بين الأعضاء المتحدثين، إذ طالب الأول بمعالجة المقترح لمن يعاني من خصاصة العيش من الموظفين على المرتبة الأولى حتى المرتبة ال10 في سلم الوظائف العامة، وقال الثاني إن المقترح جدير بالدرس بعناية وعمق، وأن نبحث عن حلول وآليات بطريقة مختلفة». ومن أبرز المعارضين للمقترح العضوان صدقة فاضل وأسامة قباني، إذ أكدا أن ذلك سيفاقم التسيّب والإهمال الإداري، ويتعارض مع مبادئ النزاهة. وقال فاضل: «أداء الموظف الحكومي متدنٍ لدرجة تثير الاستياء، ما يحتاج إنجازه في دقائق يأخذ أسابيع، ومراجعة المواطن لأية جهة حكومية أمر ثقيل على النفوس»، فيما ختم العضو علي التميمي حجج المعارضين بطرح تساؤل عن حال رجال الأمن في مكافحة الجريمة، وعلى الحدود، والمطارات، حينما يتفرغون لمطاردة أعمالهم الخاصة. مطالب بإعادة كتابة «استراتيجية الإسكان» تمايزت أراء أعضاء مجلس الشورى حول الاستراتيجية الوطنية للإسكان، إذ اتفق عدد كبير من الأعضاء على ضرورة إعادة كتابتها، لأن رؤيتها ركزت على قطاع الإسكان بدلاً من تركيزها على توفير السكن لكل أسرة، وألا تبقى الأسرة السعودية تنفق أكثر من 20 في المئة على السكن، بحسب المهندس محمد النقادي. وكرر أعضاء انتقاداتهم ومقترحاتهم المطروحة لحل معضلة الإسكان - بحسب تعبيرهم - منها تفعيل صندوق التنمية العقارية الذي اعتبروه أكثر فاعلية في التنمية الإسكانية من وزارة الإسكان بحسب العضو ناصر الموسى، الذي أكد أن الكثير من الأعضاء يشاركه هذا الرأي. وبدا الدكتور أحمد الغامدي أكثر توجساً حول «المعضلة»، التي أكد أن وزارة الإسكان وحدها لن تنجح في حلها، مطالباً مشاركة الجهات الحكومية الأخرى والقطاع الخاص بالعمل على تنفيذ الاستراتيجية، وأضاف مقترحاً بدرس رواتب السعوديين المتدنية بوصفها أحد معوّقات القدرة الشرائية في ظل ارتفاع أسعار الأراضي والعقار. وأشار العضو عوض الأسمري إلى أن مشكلة العقار تكمن في تحكم مجموعة معروفة في السوق - مخاطباً الأعضاء «كما تعلمون» - قبل أن يطالب بأن تتضمن استراتيجية السكن توافرها على اشتراطات صحية، لأن المجتمع يعاني نقص فيتامين «د». مشاهدات } هلّت دموع عضو الشورى (الضرير) ناصر الموسى، وفاضت مشاعره حينما أضاف المجلس بنداً خاصاً في استراتيجية السكن يتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة، ما أحدث تصفيقاً حاراً من الأعضاء. } طالب العضو سلطان السلطان بأن يستمع المشرعون في وزارة الإسكان إلى الناس في الجامعات والمدارس والمساجد، والبحث عن حلول مستدامة، وليست حلولاً تثير أزمات. } العضو خالد آل سعود يرى وجود مثلب عظيم في إعداد بعض الاستراتيجيات والسياسات العامة. } لم يشارك من السيدات في جلسة الأمس إلا العضوتان نورة العدوان والجوهرة أبوبشيت. الأولى كانت في «جلسة الشأن العام السرية»، والثانية تأييداً لمقترح الدكتور أحمد الزيلعي.