بدأت إمارة دبي منذ قرن الإعداد للتحول الى مركز تجاري ومالي للشرق الأوسط مع وضع القوانين والمقومات لذلك. وأصبحت الإمارة إضافة الى لندن وسنغافورة موقعاً أساسياً للتجارة والمال بالنسبة الى الشرق الأوسط والعالم. وفي حين ان إمارة أبو ظبي شكلت مصدراً نفطياً أساسياً، أنجزت دبي نموذجاً تجارياً ومالياً جعلها مركزاً شرق أوسطي وعالمي للتجارة والمال والسياحة. ومنذ سنوات عدة بدأت إمارة دبي تنشئ مناطق للتجارة الحرة، إضافة الى مرفأ منطقة جبل علي الذي أثبت نجاحاً كبيراً. لكن الأزمة الممثلة بعدم تمكن دبي من تسديد دينها المقدر بحوالى 80 بليون دولار تفاقمت في ظل الاستثمارات العملاقة في القطاع العقاري على الصعيدين المحلي والعالمي. فبدأت تظهر شركات عقارية متنافسة، أدت الى ارتفاع خيالي في أسعار العقارات. وعندما بدأت أزمة العقار عالمياً، انخفضت أسعار العقارات في دبي إلى أكثر من النصف، ما أدى الى نتائج سلبية كبرى على موجودات دبي خلال سنة. وبدأت استثمارات دبي الخاطئة مع شرائها أبنية وعقارات في لندن والولايات المتحدة حين كانت سوق العقار مرتفعة جداً. وعندما حصلت الأزمة العالمية تدهورت أسعار هذه العقارات، إلا أن كل ما قامت به إمارة دبي لم يكن سلبياً. فشركة طيران الإمارات، ناجحة جداً وشكلت شركة عالمية خدمت السياحة في الإمارات. ولم يكن كل ما أنشئ في دبي خاطئاً، لكن التنافس بين عدد من الشركات وعدد من المسؤولين على بناء أكثر المشاريع ضخامة شكّل مجازفة. من شركة النخيل الى برج دبي الى غيرها من الشركات فإن ما أنجز من مشاريع عملاقة، لم ينطو على فائدة بل انعكس إذ إنها أدت الى خسائر كبرى. وجاء إعلان تأجيل سداد ديون مؤسسة دبي العالمية ليضرب أسهم الشركات المدرجة في الإمارات. فخسائر سوق أسهم الإمارات بلغت أكثر من 6 بلايين دولار. إلا أن عدداً من المصرفيين الأوروبيين الذين يتعاملون مع الشرق الأوسط، اعتبر ان تفسير الإعلام الأوروبي لتأجيل سداد ديون دبي بأنه نوع من الإفلاس، هو خطأ كبير ومبالغ به. ويرى هؤلاء ان تدخل أبو ظبي ولو انه غير كاف حتى الآن هو ضمانة لإمارة دبي. ويجمع بعض المصرفيين على القول إن أبو ظبي ستشدد مراقبتها لسياسة دبي المالية وستسعى لوضع قيود عليها. لكن هذا لا يعني أن نموذج دبي كمركز تجاري ومالي هو نموذج فاشل، إنما المبالغة في التنافس على مشاريع عملاقة وخاسرة ومحكومة بالفشل، خصوصاً ان مردها الى هيمنة المظاهر. وتتكبد دبي خسائر كبرى حالياً وتؤخر تسديد ديونها لكن هذا لا يعني نهايتها أو إفلاسها. فعملية إنقاذها لتسديد هذه الديون قد تأخذ بعض الوقت وهي بمثابة الأزمة العالمية التي لم تنته بعد وقد تأخذ وقتاً لكي تنتهي. إلا أن ما حدث في دبي هو درس لتحسين السياسات المالية والاستثمارية لإمارة نجحت في وضع نموذج جيد لكنها بالغت في الاقتراض والمشاريع العملاقة العديمة الفائدة.