قبل عصر الاحتراف، كان ولاء لاعبي الأندية لكرة القدم، للشعار وللكيان الذي يلعبون له وحسب. أما بعد دخول عصر الاحتراف بنظامه المتعارف عليه حالياً، أصبحنا نرى وبشكل جلي وواضح جداً أن ولاء اللاعبين هو للمادة أولاً وثانياً وثالثاً. قد أستثني من هذه القاعدة خمسة أو سبعة من كل مئة لاعب في دوري المحترفين الحالي، الذين ما زالوا متماسكين ومتمسّكين بمبدأ اللعب للفرق التي أبرزتهم وأخرجتهم لحياة النجومية وتنازلوا عن مميزات إضافية من أجل سواد عيون أنديتهم الأصلية. ولكن البقية، أصبحت بوصلات أو بواصل ولاءاتهم تتجه للعرض الأكبر وللدخل الأكثر والأعلى، وهذا أعزائي القراء أمر طبيعي، وليس عيباً! فالعيب ان يُطلق على اللاعب مسمى محترف، وان يلعب في دوري محترفين، وفي الوقت نفسه يتعامل مع المتغيرات المحيطة بطريقة الهواة، والعكس صحيح. وموضوع الولاء للمادة هنا، لا يعني عدم الولاء للشعار بشكل مطلق، ولكن المقصود منه هو أن اللاعب لم يعد لديه ولاء يكفي لبقائه في ناديه الذي نشأ وترعرع فيه، ولكنه عندما يلبس شعار النادي الذي قدم له العرض المادي المرضي، فإنه سيلعب لهذا النادي وسيمثله بالأمانة المطلوبة. وهذا بحد ذاته، كفيل بأن يخدم الأندية التي تملك أموالاً طائلة ودعماً شرفياً قوياً وسخياً! وكفيل أيضاً بأن يزيد الأندية التي لا تملك الدعم الشرفي السخي ولا تملك رعاة، فقراً وتدهوراً. إذ إن اللاعبين لن يضحّوا بمستقبلهم المهني من أجل ولاء أكل عليه الزمان وشرب منذ زمن الهواية، وسيرحلون بكل تأكيد لمن يرفع من مستوياتهم المادية والاجتماعية. ومن هذا المنطلق، يجب أن يدرك محبو الأندية التي لا تملك دعماً كافياً، ليس لتحقيق البطولات وليس للإبقاء على نجوم ناديهم، ولكن لبقاء ناديهم في دوري الأضواء، أن أنديتهم أصبحت في مهب الريح، خصوصاً أن أعضاء شرفهم أصبحوا هم أنفسهم بحاجة لمن يدعّمهم، بدلاً من أن يقوموا هم بدعم أنديتهم التي لا تلبث بأن تطلق عليهم لقب أعضاء شرف! هذا الوضع أصبح وضعاً خطراً، أدى لانقراض جماهير الأندية المغلوبة على أمرها مادياً واجتماعياً وتحولها لتشجيع الأندية التي سيطرت على الصحافة الرياضية، والتي تملك من القدرة المادية والاجتماعية ما يمكنها من رسم البسمة على شفاه جماهيرها الأصلية والوافدة. فحتى يأتينا الفرج بنظام تخصيص قوي ومنصف، ستبقى الأندية في طريقها لتصبح نادياً واحداً... أو ناديين، طالما أن الموضوع موضوع فلوس... وقوة، وبغير ذلك، فنحن نضحك على أنفسنا. [email protected]