توعدت السلطات اليمنية بملاحقة مسلحين ينتمون إلى جماعة «الحراك الجنوبي» متهمين بقتل ثلاثة مواطنين من أبناء المحافظات الشمالية أحدهم جندي، بطريقة وحشية، في حوادث متفرقة خلال إجازة عيد الأضحى، ما أثار حالاً من الغضب لدى أبناء القبائل اليمنية في المناطق الوسطى والشمالية التي ينتمي اليها الضحايا، والتي بدأ بعضها في إقامة حواجز على الطرق الرئيسة وسط البلاد بحثاً عن المتورطين في «جرائم القتل على الهوية». جاء ذلك في وقت منعت قوات الأمن في محافظة عدن أمس مهرجاناً دعا إليه أنصار «الحراك الجنوبي» في ذكرى جلاء قوات الاحتلال البريطانية، وأقامت السلطات عوضاً عنه احتفالاً للمناسبة ذاتها حضره رئيس الحكومة علي محمد مجور وعدد من الوزراء وقيادات السلطة المحلية. واعتقلت قوات الأمن والجيش في عدد من المحافظات الجنوبية عشرات الأشخاص المتهمين بالتورط في أعمال شغب ورفع شعارات مناهضة للوحدة. وقالت مصادر محلية في محافظة عدن ل «الحياة» إن القوات الأمنية المنتشرة عند مداخل المدينة وضاحية الشيخ عثمان اعتقلت العشرات من عناصر «الحراك» الذين كانوا متوجهين إلى ساحة الهاشمي للمشاركة في المهرجان، كما نزعت من الشوارع والجدران آلاف الملصقات الدعائية والشعارات المطالبة بالانفصال. لكن المصادر نفسها أشارت إلى أن أنصار «الحراك» نظموا مسيرات احتجاجية أخرى في كل من الضالع والحبيلين ومديرية مرخة في محافظة شبوة للتنديد بمنع السلطات مهرجان عدن. وكانت اللجنة الأمنية في عدن وجهت قبل يومين تحذيرات من إقامة أي فعاليات غير مرخص لها، ولوحت باتخاذ إجراءات رادعة ضد من وصفتهم ب «مثيري الفوضى والشغب وكل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن والسكينة العامة للمجتمع أو الاعتداء على المواطنين وممتلكاتهم، أو القيام بأي تجمعات تهدف إلى إثارة الفوضى». وكان مواطنان من أبناء المحافظات الشمالية قتلا ليل السبت - الأحد على أيدي مسلحين قالت وزارة الدفاع انهم ينتمون الى «الحراك « الذي سارع الى نفي أي تورط لعناصره. ووقع حادثا القتل على خط صنعاء عدن، الأول في منطقة الحبيلين والثاني في منطقة الملاح بمحافظة لحج، وذلك بعد ساعات فقط من مقتل جندي من أبناء منطقة شرعب في محافظة تعز المجاورة بالطريقة ذاتها على طريق عتق - عدن. وذكرت مصادر في محافظة لحج ان «مسلحين يعتقد أنهم ينتمون الى جماعات الحراك الجنوبي، قطعوا الطريق فجراً (الأحد) بين صنعاء وعدن في ردفان بمحافظة لحج واعترضوا مواطناً شمالياً، صادروا سيارته وقتلوه»، كما اشارت الى ان «شخصاً شمالياً آخر أمضى العيد مع عائلته في عدن وكان في طريقه الى صنعاء قتل امام عائلته». وفي أول رد فعل غاضب على هذه الجرائم قامت قبائل الرضمة التابعة لمحافظة إب (وسط البلاد) صباح أمس بإقامة نقطة تفتيش في منطقة أجحم بحثاً عمن ينتمون للحبيلين أو يافع، رداً على مقتل أحد أبنائها ونهب سيارته أثناء عودته من عدن. كما نصبت قبائل في منطقة مريس بمديرية قعطبة التابعة لمحافظة الضالع نقطة تفتيش مماثلة في منطقة الجبارة بحثاً عن سيارات من يافع أو الحبيلين لحجزها للضغط من أجل إعادة سيارة منهوبة لأحد أبنائها، كانت قادمة من مدينة عدن وإخلاء سبيله ومرافقه. وقال مصدر أمني في تصريح الى «الحياة» طالباً عدم ذكر اسمه، ان التصعيد من طرف قوى «الحراك الجنوبي»، جاء بناءً على ما أقرته قيادات الانفصال خلال اجتماعاتها الأخيرة في الخارج، وتزامنت مع تصريحات نائب الرئيس السابق علي سالم البيض الأخيرة والتي كرر فيها دعوته إلى انفصال الجنوب والعودة إلى التشطير. وتوقعت المصادر ذاتها ان تعلن وزارة الداخلية في غضون الأيام القليلة المقبلة عن قائمة مطلوبين أمنياً بتهمة المساس بالوحدة والتورط في إثارة مشاعر الكراهية بين أبناء الوطن الواحد والدعوة إلى ممارسة القتل على أساس مناطقي جهوي. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن رئيس اليمن الجنوبي السابق علي سالم البيض المقيم في المنفى دعوته الى تأمين حماية دولية لسكان جنوب اليمن، متهما «قوات الاحتلال» الشمالية باعتقال المئات واطلاق النار لقمع تظاهرة في عدن امس. وقال البيض في بيان «إننا نحذر من العواقب الخطيرة للوضع في الجنوب، فنظام صنعاء يناور في شتى الاتجاهات من اجل افشال الحراك الجنوبي السلمي، وهناك مؤشرات لتفجير الموقف عسكريا وفتح جبهة جديدة في هذه المنطقة. ولهذا ننبه الى مخاطر هذا السلوك المغامر، ونطالب الجامعة العربية والامم المتحدة ومنظمة المؤتمر الاسلامي، بالتحرك بسرعة لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في الجنوب، والعمل على وضع آلية لتأمين الحماية لشعبنا الأعزل، وفق ما نصت عليه اتفاقات جنيف، الخاصة بحماية السكان في ظل الاحتلال».