ثمة أصابع لإيران، أكثر مما تضمه يدان، هنا وهناك وفي كل مكان، وأريد قبل أن أكمل أو أوضح أنني لا أنتقد نشاط إيران بقدر ما أنتقد عجز الدول العربية، وأتمنى أن تكون إيران تكذب وأنها تسعى للحصول على سلاح نووي طالما أن إسرائيل تملكه، ثم أتمنى لو يفيق العرب من سباتهم الذي طال حتى «تشابهت المضاجع والقبور» كما قال ابراهيم اليازجي يوماً. إيران لها حلف مع سورية (قام في وجه ادارة بوش وتغيير النظام وهو مبرر بالتالي)، وترعى حزب الله، وكانت وراء جماعة من الحزب ومصريين وفلسطينيين حاولت إيصال جماعات شيعية في المغرب ومصر والسودان، وتملك الأحزاب الشيعية في العراق، مع بقاء المرجع البارز علي السيستاني مستقلاً، ولها نفوذ في باكستانوأفغانستان، وتحالف مع فنزويلا، ووجود عبر أميركا الجنوبية، وعلاقات تجارية ودينية مع مساجد المسلمين في الولاياتالمتحدة، وتفاوض الدول الست على برنامجها النووي، وتعد وتتعهد ثم تتراجع كما يحلو لها، وهي بعد أن استثارت مصر بوصولها الى حدودها عبر علاقتها مع حماس، استثارت المملكة العربية السعودية بدعمها الحوثيين في اليمن وعبر الحدود السعودية. النظام في إيران يفعل كل هذا وهو متهم بتزوير انتخابات الرئاسة الأخيرة، ويواجه إرهاباً من مصادر عدة داخل البلاد، والرئيس أحمدي نجاد متهم باللاسامية لإنكاره المحرقة بإصرار وكأنه متهم بارتكابها، وله خصوم سياسيون وداخل المؤسسة الدينية نفسها يريدون اطاحته، وهو يرأس نظاماً قمعياً يسجن المعارضين ويهددهم، وقد أوقع بلداً نفطياً كبيراً في أزمة بنزين، مع غلاء وتضخم وفقدان مواد غذائية أساسية، وهو مع هذا كله تحت حصار، وهناك عقوبات فرضها مجلس الأمن عليه ويواجه احتمال جولة أخرى من العقوبات التي يعد الأميركيون بأن تكون هذه المرة مكبّلة، أو مدمرة، ومن مستوى العقوبات على العراق بعد غزو الكويت. أين العرب من كل هذا؟ إذا اكتشف قارئ الكهف الذي ينامون فيه أرجو أن يفيدنا، وما أعرف هو أن ايران تسرح وتمرح، والدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تحاول التصدي لها هي اسرائيل، أي الدولة الوحيدة التي ليس لها ما تخشاه من نظام آيات الله في طهران، ومع ذلك ترسل الدجّال شيمون بيريز ليستبق أحمدي نجاد الى البرازيل. اسرائيل تزعم أن لإيران برنامجاً نووياً عسكرياً، وهذا كذب وقح، فحتى لو كانت لدى إيران النيّة لإنتاج سلاح نووي فإنها لا تملك القدرة الآن أو بعد سنة أو خمس سنوات، وأنا لا أعرف شيئاً سرياً، أو أكشف جديداً، فخلال المفاوضات مع إيران منذ سنوات، وخصوصاً منذ الاجتماعين في جنيف ثم فيينا، والتفاهمات التي توصل اليها الطرفان وتحاول إيران التنصل منها الآن، كانت المعلومات كافة تقول إن إيران أنتجت يورانيوم مشبعاً الى خمسة في المئة، وحاجتها الى تشبيع حتى 19.75 في المئة لتشغيل مفاعل بسيط من النوع الذي يهتم بتجارب طبية، كالموجود قرب طهران، وإن القنبلة النووية تحتاج الى تشبيع لليورانيوم يزيد على 90 في المئة، وهو ما يستحيل على إيران اليوم عبر أي مفاعل معروف، كالذي قرب قم، أو سري غير مكتمل. بكلام آخر، اسرائيل أقنعت نفسها بكذبتها، وحتى لو تجاوزنا المعلومات الغربية نفسها، وافترضنا أن إيران أنتجت قنبلة نووية أو عشراً، فإن اسرائيل تملك في مقابلها بين مئة قنبلة نووية ومئتين، وصواريخ أقوى وأبعد مدى وأكثر دقة وعدداً من الموجود في ايران، ثم إن الولاياتالمتحدة وراءها، وإذا مسح بلد عن الخريطة فسيكون إيران لا اسرائيل. المعلومات الأخرى، وهي أيضاً متوافرة للأنظمة العربية لو كانت تقرأ، تقول ان إيران تعرض على إدارة أوباما مساعدتها في أفغانستانوباكستان، وخصوصاً في العراق، ومع حزب الله في لبنان، مقابل أن تتقاسم معها النفوذ في الشرق الأوسط على حساب دولنا العربية، ما يذكرني بشيء من رواية العهد الجديد من الكتاب المقدس عن صلب المسيح، فهو رأى الجنود الرومانيين يلعبون «يانصيب» لاقتسام ثيابه، وترك لنا عبارة مشهورة «على ثيابي اقترعوا». إيران تقترع على ثيابنا مع أميركا وغيرها ونحن... أو ربما أقول «وأنتم» مكتفياً بالجنسية البريطانية، ومنكراً جذوري العربية لأن أمتي لا ترفع الرأس. [email protected]