خرجت شركة «أرامكو السعودية» أمس، عن «الصمت» المتواصل طوال العقدين الماضيين، تجاه قضية محجوزات الأراضي في المنطقة الشرقية، التي تقدر بأكثر من 200 مليون متر مربع، مفندة في بيان أصدرته (حصلت «الحياة» على نسخة منه) جميع الوقائع حول هذه القضية، التي شغلت سكان المنطقة، بعد أن تسببت في أزمة سكنية «حادة»، وارتفاع أسعار الأراضي إلى مستويات «قياسية»، وهو ما تناولته بالتفصيل «الحياة» في ملف موسع، نشرته قبل أسابيع، فضلاً عن تغطيات وتقارير أخرى. وعلى رغم تمسك الشركة، التي أوشكت على طي العقد الثامن منذ انطلاق أنشطتها في التنقيب عن النفط، بالمحجوزات من الأراضي، وعرقلتها مخططات ومساهمات عقارية يشارك فيها 12 ألف مساهم، وتفوق قيمتها 10 بلايين ريال، تواجه «التعثر» منذ نحو عقدين، إلا أن «أرامكو» أبدت في بيانها أمس، نوعاً من «المرونة» في معالجة هذا الملف «الشائك»، مؤكدة أنها «تدرس جميع ما يردها من طلبات بفك الحجز عن الأراضي التابعة لها، وتستجيب لذلك من دون تردد، ما لم تكن هناك اعتبارات تحول دون ذلك، سواء من ناحية السلامة أم تعارضها مع أعمال الزيت والغاز». وذكرت الشركة في بيانها أنها «لاحظت أخيراً، ورود بعض التعليقات حول وجود تعارض بين بعض المخططات ومحجوزات الشركة، وركز الكثير منها على المخططات الواقعة على الطريق المؤدية إلى مطار الملك فهد الدولي في الدمام». وأوضحت أن هذه المخططات «تقع في محجوزات الشركة، ولم يسبق لها فك الحجز عنها»، مشيرة إلى أنه فور علمها بوجود هذه المخططات «سارعت إلى الإعلان أنها تقع في محجوزاتها، وأنه لم يسبق فك الحجز عنها، وأن تحويلها إلى مخططات سكنية مخالف للأنظمة والأوامر السامية المتعلقة بضرورة فك الحجز عن الأراضي قبل إقامة أي من المخططات عليها». وشددت «أرامكو» أنها سبق أن أكدت أن تلك المخططات «تقع في مواقع حيوية، وتحوي الثروات الهيدروكربونية من الزيت والغاز التابعة لحقلي بقيقوالقطيف، كما توجد بها آبار إنتاج زيت وآبار حقن الماء، إضافة إلى عدد كبير من أنابيب الزيت والغاز التي تنقل الإنتاج من الزيت والغاز، وتعرض هذه المرافق للحوادث، نتيجة لوجود استخدامات غير مناسبة حولها، تحتمل أخطاراً كبيرة على الأشخاص والمرافق»، مؤكدة أنها «لم تسمح بالتصرف في أي جزء منها، باستثناء شق الطرق والكباري الخاصة اللازمة، لربط مرافق مطار الملك فهد الدولي عبر تلك المحجوزات». وحول قرار مجلس الوزراء الذي صدر العام الماضي، المتضمن بأن تقوم «أرامكو السعودية» بإبداء مرئياتها في ما يقدم إليها من لجنة المساهمات العقارية من قوائم لأراضي المساهمات العقارية الواقعة ضمن امتياز الشركة أو محجوزاتها خلال ستة أشهر من تاريخ تسلمها القائمة، وهي المهلة التي انتهت مطلع العام الحالي، أكدت الشركة أنها «قدمت مرئياتها في ما تسلمته من اللجنة المشكلة لهذا الغرض في وزارة التجارة والصناعة وأجابت عنها في حينه». وشددت «أرامكو» على حرصها على «دعم تطور المناطق الحضرية وتسهيل توسعها، وأنها تبذل أقصى الجهود في ألا تشكل أعمالها أي عائق لذلك. نظراً لما تتمتع به المملكة من ثروات طبيعية من الزيت والغاز، كان سبباً في ما تعيشه الأجيال الحاضرة من رخاء ورغد عيش، يستلزم الحفاظ عليها والعمل على وضع أسباب بقائها كرافد اقتصادي يواصل دعم الازدهار الذي تعيش المملكة، ويحقق استدامة الطاقة للمملكة وشعبها وللعالم أجمع». ولفتت الشركة إلى أن «المملكة قامت من هذا المنطلق ولأهمية دعم أعمال إنتاج المملكة من الزيت والغاز، ولحرصها الشديد على سلامة المواطنين والمنشآت الحضرية حول مناطق الإنتاج، بوضع نظام لحجز الأراضي لهذه الأعمال، يكفل ضمان توفر الأراضي لأعمال الإنتاج وتوفير السلامة»، مشيرة إلى صدور أوامر سامية وقرارات حددت سبل تنفيذ ذلك، وتتيح هذه الأنظمة فك الحجز عن أجزاء من هذه المحجوزات، بعد التأكد من أن استخدامها لا يعوق أعمال إنتاج الزيت والغاز، ولا يشكل خطراً على مستخدميها. وذكرت أن هذه الممارسات «متوافقة مع المعايير والمقاييس العالمية للسلامة، التي تطبقها الشركة، بكل حرص وصرامة، التي تتبعها دوماً شركات الزيت والغاز العالمية، تفادياً لتعرض المرافق الهيدروكربونية للضرر، مع ما يحتمله هذا من وقوع حوادث تعرض سلامة الأشخاص والمرافق للأخطار». وشددت «أرامكو» على حرصها على «دراسة كل الطلبات التي تتلقاها حول فك الحجز عن الأراضي داخل محجوزاتها، مبدية أقصى قدر من المرونة، وباذلة أقصى الجهد في ألا تتعارض أعمالها مع خطط التوسع الحضري، وظلت المناطق الحضرية في مناطق أعمال الشركة تشهد نمواً وازدهاراً كبيرين عبر تاريخ الشركة. وتمكنت أرامكو السعودية دوماً من تخطيط أعمالها بطريقة تتيح توفير أكبر فرصة ممكنة لهذا التوسع، الذي تسارعت وتيرته في الأعوام الأخيرة». وأكدت أنها «تدرس جميع ما يردها من طلبات بفك الحجز عن الأراضي التابعة لها، وتستجيب لذلك من دون تردد، ما لم تكن هناك اعتبارات تحول دون ذلك، سواء من ناحية السلامة أم تعارضها مع أعمال الزيت والغاز». «المحجوزات» عرقلت التنمية ورفعت أسعار العقارات جاء بيان «أرامكو السعودية» التوضيحي تجاه قضية «محجوزات الأراضي»، بعد تصاعد مطالبات الأهالي والعقاريين والمختصين في المنطقة الشرقية، للشركة بفك جزء من محجوزاتها، التي قدرها رئيس اللجنة العقارية في المنطقة الشرقية خالد بارشيد في تصريح سابق ل«الحياة» بأكثر من 200 مليون متر مربع، تفوق قيمتها السوقية 10 بلايين ريال، موضحاً أن بعضها «مساهمات عقارية متعثرة منذ أكثر من 10 أعوام، إضافة إلى وجود أراض تعود ملكيتها لمواطنين». وأكد بارشيد أن «اللجنة العقارية في غرفة الشرقية خاطبت وزارة البترول والثروة المعدنية، حول انتهاء المهلة المحددة من مجلس الوزراء، وأن الشركة لم توضح موقفها بعد، إلا أن الوزارة لم ترد على خطابهم». وقدر عقاريون حجم انخفاض نشاطهم العقاري بسبب المحجوزات بنحو 70 في المئة. وقال بارشيد: «إن محجوزات أرامكو أسهمت في ارتفاع أسعار العقار في الشرقية في شكل كبير». فيما تحاول اللجنة خفضها بأية طريقة، مؤكداً أن «قضية المحجوزات تبقى المشكلة الأكبر». ويقدر سعر المتر الواحد بنحو 7 آلاف ريال في كل من الخبروالدمام، وحتى في بعض مدن القطيف وقراها، ما جعل تملك أرض لبناء منزل «حلماً بعيد المنال» للغالبية العظمى من سكان المنطقة. فيما هاجم رئيس «غرفة الشرقية» عبدالرحمن العطيشان «أرامكو»، واتهمها ب«تعطيل الكثير من المشاريع في المنطقة بسبب محجوزاتها، التي عانت منها جهات حكومية عدة، وأسهمت في تعطيل بعض المشاريع المهمة»، مشدداً على أهمية إيجاد حلول لمشكلة المحجوزات التي تتوزع على محافظات المنطقة الشرقية كافة، وتستحوذ على مساحات شاسعة من الأراضي، ما تسبب في ارتفاع الأسعار. وأوضح العطيشان أن «الغرفة اجتمعت مع أرامكو السعودية لحل هذا الموضوع، خصوصاً أن بعض الأراضي الكبيرة التي تقع بالقرب من مطار الملك فهد الدولي لا تزال موقوفة منذ 10 أعوام، وأسهمت في تضرر آلاف المواطنين، لكن أرامكو لا تزال تتمسك برأيها، من دون أية نتيجة».