مقديشو - رويترز، أ ف ب - سيطر متمردون متشددون يشتبه في صلتهم بتنظيم «القاعدة» أمس السبت على بلدة صومالية بالقرب من الحدود مع كينيا، مما دفع بمدنيين إلى الفرار إلى هذه الدولة المجاورة. ودخل متمردو حركة «الشباب» التي تقول واشنطن إنها موالية لتنظيم «القاعدة» الذي يتزعمه أسامة بن لادن بلدة دوبلي بعد أن فر منها متمردو «حزب الإسلام» المنافس. وقال نور يوسف علي وهو من سكان دوبلي في اتصال هاتفي: «أرى الكثير من عربات القتال وأفراد ميليشيات مدججين بالسلاح. دخلوا البلدة قبل دقائق واستولوا على مركز الشرطة... دون أي مقاومة». وكانت جماعتا التمرد تحاربان معاً الحكومة المدعومة من الغرب في العاصمة مقديشو لكن معركة اندلعت من أجل السيطرة على ميناء مدينة كيسمايو الساحلية الجنوبية وضعت الحليفين السابقين في مواجهة بعضهما بعضاً. وتخشى الدول الغربية والبلدان المجاورة من أن تتحول المناطق التي تسيطر عليها حركة «الشباب» إلى ملاذ لمتشددين يتطلعون إلى شن هجمات أو زعزعة استقرار المنطقة. وقال مسؤول في حركة «الشباب» ل «رويترز» هاتفياً: «دخلنا دوبلي دون أي حرب ضدنا. البلدة الآن تحت سيطرة المجاهدين، وسنواصل حربنا ضد الكفار حتى نطردهم من المنطقة». وكان مسؤول كبير في الحركة هدد في حزيران (يونيو) الماضي بأن جماعته «ستغزو» كينيا إذا لم تُخفّض عدد قواتها على الحدود القريبة من أماكن مثل دولبي. وأغلقت كينيا حدودها مع الصومال في كانون الثاني (يناير) 2007، لكن آلاف الصوماليين ما زالوا يتدفقون عبر الحدود الصحراوية غير المحكمة ليصلوا إلى مخيمات اللاجئين المكتظة في كينيا غالباً من خلال رشوة الشرطة على طول الطريق. وقال مسؤول معونة في دوبلي رفض كشف هويته ل «رويترز»: «الحدود مغلقة تماماً، لكن الناس يحاولون دخول مخيمات اللاجئين. لقد نشرت كينيا مزيداً من القوات على الحدود». وجلب المتمردون حالة تشبه الاستقرار إلى المناطق التي سيطروا عليها، لكن ممارساتهم المتشددة أدَّت إلى نفور كثيرين من المسلمين المعتدلين عادة في هذه الدولة التي تفتقد إلى حكومة مركزية فعالة. وناشدت حركة «الشباب» سكان دوبلي الهدوء، قائلة إنها ستعيد النظام إلى البلدة التي تقع على بعد كيلومترات قليلة من كينيا. لكن بعض السكان غادر خشية وقوع المزيد من أعمال العنف. وقال عبدي عمر (64 سنة): «هناك إشاعات تتردد بأن ميليشيات حزب الإسلام قريبة من البلدة ... وذلك هو السبب في أننا نفر إلى مخيمات اللاجئين المجاورة». وأضاف: «لا نعرف أين نستقر». وذكرت وكالة «فرانس برس» من مقديشو أن قائد القوة الأفريقية في الصومال (أميصوم) يعتبر أن الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد لا يزال «شريكاً جيداً» تستطيع قوة الاتحاد الافريقي أن تتعامل معه، داعياً مرة جديدة جميع المتناحرين إلى التفاوض. وقال الجنرال ناثان موجيشا قائد قوة حفظ السلام منذ آب (أغسطس) 2009 إن شريف الذي يرأس الصومال منذ كانون الثاني (يناير) «لا يزال حليفاً جيداً يمكن العمل معه في السعي إلى السلام». وأكد الجنرال موجيشا حيث مقر قيادته عند أطراف مطار مقديشو الدولي الجمعة: «لا أرى أين فشل؟ فهو ما زال يتفاوض ويحض (المعارضة المسلحة) على الانضمام إلى الحكومة الانتقالية (...)». وينتشر نحو 5300 جندي من «أميصوم» حالياً في نقاط استراتيجية عدة من العاصمة لا سيما في المطار والمرفأ وفي «فيلا صوماليا» مقر الرئاسة. وهذه القوات تتدخل لدعم الحكومة الانتقالية التي تقتصر سلطتها على بعض أحياء مقديشو في مواجهة المتمردين الإسلاميين في حركة الشباب المجاهدين وحلفائهم في حزب الإسلام. وشن المتمردون في أيار (مايو) هجوماً واسعاً في العاصمة أدَّى حينها إلى ترنّح الحكومة الانتقالية التي يتحصن أعضاؤها في مقر الرئاسة. وأوضح الجنرال موجيشا: «لدينا قنوات اتصال مع الشباب ونحض جميع المتناحرين على وقف الأعمال العدائية». ولفت إلى «أن المجتمع الدولي عليه أن يلعب دوراً كبيراً. هو لا يستطيع أن يترك الصوماليين لأمرهم». وتابع أنه عندما «لا تكون مجموعة قادرة على الغلبة فإن الحل لا يمكن إلا أن يكون سياسياً. حان الوقت لكي يفهم الصوماليون ذلك». واعتبر قائد القوة الأفريقية أن على المتنازعين «أن يكونوا قادرين على احترام الاتفاق الذي توصلوا إليه. ومع دعم المجتمع الدولي فإن السلام سيكون دائماً». وتتدخل قوة السلام بتفويض من مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، وهي منتشرة في مقديشو منذ 2007 للتحضير مبدئياً لانتشار جنود القبعات الزرق التابعين للأمم المتحدة. ومن المفترض أن يبلغ عديدها عند اكتمالها ثمانية آلاف جندي لكن لا يسهم فيها حتى الآن سوى أوغندا وبوروندي. وأقر الجنرال موجيشا بأن «عددنا محدود وبالتالي أنشطتنا محدودة. وتنفيذ مهمتنا يمثّل تحدياً إلى حد ما». لكنه أكَّد «أننا راضون عن المهمة الحالية. فليس هناك مشكلات»، مضيفاً «أن قواعد تدخلنا عُدّلت أخيراً وباتت تسمح لنا بالضرب بصورة وقائية. والتفويض (الموكل إلى القوة) مرن جداً، وهو يسمح لنا بالعمل وفق وسائلنا». وأكد الضابط رداً على انتقادات في شأن الخسائر في صفوف المدنيين في تبادل القصف المدفعي بين «أميصوم» والمتمردين: «نحاول الحد من عدد الضحايا المدنيين». وأضاف: «نحن هنا لدعم الحكومة الانتقالية ومؤسساتها، ولا نرد إلا بعد كثير من الاستفزازات». وتابع: إن ضباط «أميصوم» يتحلون ب «درجة عالية من ضبط النفس». وقال الجنرال موجيشا الذي أصيب بجروح طفيفة في الهجوم الانتحاري المزدوج على مقره العام في 17 أيلول (سبتمبر) مما أسفر عن مقتل 17 من رجاله بينهم مساعد قائد المهمة، «إن الأخطار حقيقية» طالما بات «الشباب» و «القاعدة» متعاونين مع بعضهما بعضاً. وخلص إلى القول «إن المهمة معقدة لكنها قابلة للتنفيذ»، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة «تدريب قوات الحكومة الانتقالية لتحل مكان القوات الدولية».