تبادل اللبنانيون صبيحة الأضحى التهاني في مناسبتين: العيد الذي يحتفل به المسلمون في لبنان والعالم، وتشكيل الحكومة اللبنانية وإنجازها مسودة بيانها الوزاري الذي سيقره مجلس الوزراء مجتمعاً على الأرجح منتصف الأسبوع المقبل (الأربعاء) قبل إحالته على مجلس النواب لمناقشته وإقراره ومنح الحكومة الثقة على أساسه، ابتداء من الاثنين 7 كانون الأول (ديسمبر). وبينما تراجعت حدة المواقف التي رافقت إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري عزمه طرح إلغاء الطائفية السياسية في النظام اللبناني عبر تشكيل الهيئة الوطنية التي ينص عليها الدستور في مادته 95، برز تصدي رئيس المجلس الدستوري الدكتور عصام سليمان لمنتقدي قرار المجلس رد الطعون النيابية، وهم من رموز الأقلية الذين خسروا في الانتخابات الأخيرة فأكد أن «لا أحد يستطيع أن يجعل من المجلس الدستوري مكسر عصا في صراعه مع السياسيين أو مع الخارج». ووصف في تصريح الحملات على المجلس بأنها «مغرضة وظالمة»، مشدداً في رد مباشر على العماد ميشال عون أن «المجلس لم يسقط والقرارات التي اتخذها بالإجماع تنم عن العدالة والنزاهة»، وفي رد مماثل على النائب السابق الياس سكاف قال سليمان: «تبيّن انه يعتب على حلفائه السياسيين لأنهم لم يضغطوا على أعضاء المجلس لاتخاذ القرار الذي يناسبه بالنسبة الى الطعن الذي قدّمه في انتخابات زحلة». وفي ما خص تداعيات النقاش داخل لجنة البيان الوزاري كشف وزير الإعلام طارق متري ان الجو داخل لجنة الصياغة كان أفضل بكثير من أجواء العام السابق كاشفاً أنه من الأشخاص غير الراضين على نص البيان في كل بنوده. واعتبر متري ان اعتراض الوزيرين بطرس حرب وسليم الصايغ هو حق لهما، مؤكداً أنهما عبرا عن موقفهما بمنطق هادئ. وقال: «ان المقاومة لا تتعاطى بالسلم لأنها غير قادرة على توقيع اتفاقية مع اسرائيل وحزب الله يقول انه يريد الالتزام باتفاقية الهدنة بشكل مضمر»، مشدداً على ان البيان الوزاري الحالي أقوى من السابق في ما خص القرارات الدولية، لأن البيان السابق أكد احترام «الشرعية الدولية» أما الحالي فشدد على احترام «القرارات الدولية». ومن جهته أكد حرب أنه يعترض على اعتبار المقاومة شخصية مستقلة عن المجتمع، وقال «ان لا أحد في معرض تسجيل بطولات على أحد»، مشيراً الى أن «الحكومة فريق عمل يسعى فيه الجميع الى أن يكونوا متجانسين ومتضامنين»، مؤكداً ان «المقاومة لم تذكر في الطائف، وما ذكر هو أن تأخذ الدولة الإجراءات كافة لتحرير الأرض المحتلة». وقال حرب ان «المقاومة وأطرها موضوع نقاش في ما بيننا وليست موضوع خلاف». الى ذلك، وفيما تحولت مقرات الطوائف الإسلامية الى مراكز تجمع للمهنئين من مختلف الطوائف اللبنانية، سجل لقاء إسلامي في دار الطائفة الدرزية انضم اليه ممثلون من مختلف التيارات والفئات الأخرى رأى خلاله مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ان «لبنان يمر بمرحلة جديدة بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية... وهي مرحلة امتحان لجميع اللبنانيين بعيداً من النزاعات»، وشدد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالأمير قبلان على «دعم الحكومة في سبيل تدعيم الوحدة الوطنية والجيش والمؤسسات والمقاومة»، لافتاً الى أن «اللقاء الثاني سيكون مع المطارنة وجميع المسيحيين»، أما شيخ عقل الطائفة الدرزية نعيم حسن فأكد أن «التواصل والحوار يبقى السبيل الوحيد لحل النزاعات والخلافات وإدارتها ضمن أطر المؤسسات الدستورية التي عادت مسيرتها الى الانتظام الطبيعي مع تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري». وضمن هذه المناخات تراجع السجال أمس في خصوص دعوة بري لإلغاء الطائفية السياسية، وفيما تجاهلها المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله في خطبته داعياً «اللبنانيين جميعاً» لاغتنام «فرصة عودة التوازن الى الحركة السياسية» و «الارتقاء الى مستوى التحديات الكبيرة»، أكد الشيخ قباني ان اتفاق الطائف «حمى اللبنانيين... ولا يزال يشكل صمام الأمان، بل الضمان للعيش المشترك الإسلامي – المسيحي»، محذراً من «قفزة غير مناسبة أو متسرعة في المجهول»، وحرص الشيخ قبلان من جهته على التأكيد أنه «عندما ندعو الى إلغاء الطائفية السياسية فإننا لا نكون ضد أحد بل ندعو الى التعاون مع الجميع».