في العيد ستجلس بجانب أجهزتك الإلكترونية لتعايد الأهل والأصدقاء، ستفتح قلب هاتفك المحمول، وتقرأ الرسائل، ستتفرج على التنافس الشريف على الرسوم المتفردة، ومؤشر القلوب اللامعة، والكلمات المدوزنة التي كلها تتمنى لك عاماً سعيداً. في يوم العيد ستجري مكالمات بعيدة لجغرافيا لم تكن تصلها من قبل لكنك ستعرف أن العيد منحك مناسبة جيدة لكي تسمع أصوات الاعزاء وتفرح بهم. من الذين تحبهم ومن الذين تجاملهم ومن الذين ترشوهم، بالرسائل؟! هل صحيح أن رسالة مصفوفة الكلمات استعرناها من بعضنا لا تدل علينا، كافية لتكون عيدية صديق أو زميل أو محب؟ هل تساءلت يوماً حين وصلتك رسالة من شخص أو «شخصة» لم تسمع به/ بها منذ سنوات، إن كانت حقاً تعنيك هذه الرسالة أم أنك وقعت بالصدفة في قائمة طويلة ضمتك من دون قصد أو مشقة؟ هل فرحت يوماً أن جاءتك رسالة من شخص أو «شخصة» تظن حقاً انه/ أنها مر باسمك وانتقاك، وكتب لك عيدية خاصة باسمك لتتأكد أنه يعنيك ويتكلف بكتابة تهنئة خاصة ولو كانت تقليدية مثل عيدك مبارك؟ لكن دعونا نستفيد من «منفعة الشك»، ونتساءل: هل كان يمكنك الوصول لكل هذه الأسماء ممن تحبهم أو تقدرهم، لو كنت مضطراً لمعايدتهم بالطريقة التقليدية القديمة التي تضطرك للمرور بالبيوت، أو حمل سماعة الهاتف الذي لا يخزن الأرقام، ونقلها من مفكرتك، والانتظار حتى يرد عليك الطرف الآخر، وتتحدث معهم، وسماع الأخبار، وربما العتب «وينك يا القاطع؟»، التي لا فكاك منها عند بعض الناس؟ اليوم اصبح الانسان كائناً «خلوياً» بالمعنيين التقني والنفسي، فهو يعرف أناساً كثيرين لكنه يعيش تقريباً شبه وحيد، يسمع الاخبار الهادرة من كل مكان، لكن حياته مقارنة بهذه الاحداث تبدو وكأنها خالية من الاحداث. يكتفي بالرسائل المكتوبة ليكون فكرة عمن يتذكره ويحبه، لكنها ضريبة الحياة التي تصبح شديدة التعقيد، كثيرة المسرات والرفاهية، والتي لا تصلح لأن تحاكمها من منطلق معاييرك القديمة. لكن دون شك - على رغم كل هذه التعقيدات، سيظل هناك مكان حميم في حياتك ستحرص في العيد أن تملأه بمن لا يغنيك عنهم رسائل هاتفية ولا عنكبوتية، ولن يكون عيدك عيداً من دونهم. لذا تأكد أن الرسائل ليست تقنية تصلح لكل الأعياد ولا لكل الناس، لكنها تصلح مثل هذا اليوم الذي تتوقع فيه أن قارئاً كريماً تكلف بالمرور على زاويتك والناس حجيج، يتفرج على أخبار نصفها لا يسر ونصفها الآخر يضر، فيصبح من المفيد في لحظة عابرة من محبة صادقة ان تقول له: «كل عام وأنت بخير». [email protected]