أثار الموقف الذي اطلقه وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن توجه للتفاوض مع الرئيس السوري بشار الأسد، سلسلة تعليقات لبنانية كان أبرزها لرئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي سأل: «هل أصبح معيباً استهجان كلام وزير الخارجية الأميركي الذي يمس بتضحيات الملايين من الشعب السوري الذين إما قتلوا أو هجروا أو شردوا من بيوتهم وأملاكهم وأرزاقهم لمجرد أنه قال بضرورة معاودة التفاوض مع بشار الأسد؟ من هنري كيسنجر الى جون كيري ومن حافظ الأسد الى بشار الأسد، تغير اللاعبون ولكن السياسة واحدة». وقال خلال موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء»: «لقد رفض كمال جنبلاط دخول السجن العربي الكبير الذي رفع جدرانه حافظ الأسد، وهو ذاته السجن الذي يدافع عنه اليوم جون كيري. لم أراهن يوماً على الأميركيين لتغيير النظام في سورية، بل على العكس، نصحت كل الذين راهنوا على ذلك بالتوقف عن ذلك الرهان. فأميركا لا تكترث الى مصالح الشعوب بل الى مصالحها». وكان جنبلاط كتب على «تويتر»: «لا أجدُ الكلمات المناسبة للتعبيرعن الغضب، إنْ لم أقل الإحتقار لموقف كيري الأخير». وفي مجال آخر اعتبر جنبلاط انه «يبدو أن البعض يتناسون وقائع أساسية تتصل مباشرة بالسادس عشر من آذار على رغم أنهم افتراضاً من الذين عايشوا تلك الحقبة بكل تفاصيلها السياسية والأمنية ولم يخف عليهم من خطط ونفذ اغتيال كمال جنبلاط عام 1977». وأضاف: «للتذكير، كان كمال جنبلاط شهيد العروبة والقضية الفلسطينية التي دافع عنها حتى الرمق الأخير، وشرف لنا أن نكون في خانة فلسطين والدفاع عنها. وللتذكير ايضاً أن الدخول العسكري الى لبنان عام 1976 حصل نتيجة غطاء أميركي واضح حدده هنري كيسنجر لضرب المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية واليسار اللبناني الذي كانت تعتبره الولاياتالمتحدة الأميركية بمثابة الإرهاب». وغرد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على «تويتر» تعليقاً على موقف كيري بأن التفاوض مع رئيس النظام السوري بشار الأسد يبدو أمراً لا مفر منه لإنهاء الحرب الأهلية التي دخلت عامها الخامس، باللغة الانكليزية: «Mr. Kerry, don't beat a dead horse»، وهو مثل يعني أنه لا يجب ضرب حصان ميت أو جلده لأن ذلك لن يؤدي الى أي نتيجة أو بالأحرى لن يوصل الى أي مكان». اما عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد كبارة الذي حذر من أن «تكون أميركا في صدد بيع سورية لإيران»، فدعا العرب إلى «إعلان موقف صريح وواضح من هذه المؤامرة كي لا نشهد نكبة جديدة بعد نكبة ضياع فلسطين». وقال: «يبدو أن أميركا قررت أن تبيع سورية لإيران لقاء توقيع اتفاق معها ينقذ ماء وجه باراك أوباما ويخرجه من ورطته مع الكونغرس، لذلك أفلتت وزير خارجيتها ليعلن عما تعتبره واشنطن ضرورة التفاوض مع قاتل الشعب السوري بشار الأسد لإيجاد حل سياسي للثورة السورية التي تدخل عامها الخامس وقد قتل التحالف الإيراني-الأسدي 250 ألف شهيد من أهلها، وهجر أربعة ملايين إلى خارج أرضها ودمر اقتصادها». وأضاف: «إنها لحظة حقيقة زل خلالها لسان كيري بالصدق وبوقاحة سمحت له أن يذل العرب من أرض العرب، من مصر، من دون أي اعتبار للاحراج الذي يتسبب به هذا الموقف للعرب الذين شاركوا في مؤتمر شرم الشيخ». ورأى أن «ما تقرره أميركا لا يعنينا. ما يعنينا تحديداً هو أن نطالب القادة العرب الذين تقاطروا إلى مؤتمر شرم الشيخ قبل أن يحوله كيري إلى منبر لإذلالهم، بأن يقولوا لشعوبهم بصراحة ما هو موقفهم من صفقة بيع سورية لإيران في سوق النخاسة الأميركية؟». وقال: «لم يفاجئنا ما قاله كيري وكنا نتوقعه ونحذر منه منذ إنطلاق ثورة الشعب السوري ضد الطاغية بشار الأسد. كما لم يفاجئنا رئيسه أوباما عندما رفض ضرب الأسد، وكما لم يفاجئنا المجتمع الدولي عندما تسلم الأسلحة الكيماوية من نظام الأسد من دون محاسبة الأسد، كما يتسلم شرطي مغمور سلاح جريمة من قاتل ولا يوقفه. لم يفاجئنا صدق كيري بعد طول كذب أميركا».