هيمنت أخبار الطقس وتوقعاته على أحاديث شريحة واسعة من السعوديين على مدار الأيام الماضية، في ظل توقعات فلكية بأمطار «غزيرة» خلال الأيام القليلة المقبلة. فيما شككت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في صحة هذه التوقعات، داعية إلى «عدم اتباع ما يُشاع، والتحذيرات والتنبيهات». وبين الفلك والأرصاد وقع السكان في «حيرة»، بين الاستعداد ل «الأسوأ» أو شراء قوارب مطاطية ذات جودة عالية وأطواق النجاة، أم يعتلون أسطح المنازل بعيداً عن السيول. وسط تساؤلات عن البنية التحتية وقنوات تصريف مياه الأمطار. وتوقع الفلكي سلمان الرمضان أن يكون المطر «غزيراً». وقال ل «الحياة»: «الخوف ليس من العوامل الطبيعية، فتضاريس المنطقة الشرقية لا تؤهلها لتكون منطقة سيول، ولا أتحدث عن عوامل طبيعية مؤثرة، حديثي حول عوامل بشرية، ومدى أهلية قنوات التصريف لدينا»، مضيفاً: «هناك مقياس للمطر من 7.5 سم بحسب المؤشر والمقياس هي أمطار قوية، وما سيأتينا من أمطار سيصل إلى 20 سم في المقياس، أي أنه ثلاثة أضعاف ما رأيناه من أمطار العام الماضي، وغرقت على إثره بعض المنازل، وستستمر الأمطار عشرة أيام. وسيكون الجو متوسط الحرارة بارداً من دون رياح قوية». كما توقع الرمضان أن تبدأ الحالة الجوية الممطرة خلال الساعات المقبلة. وأضاف: «ربما تكون في الليل المتأخر والاثنين، وستكون عابرة، قبل أن تشتد الحالة بين الثلثاء والأربعاء وتكون مصحوبة بالرعد، وستشمل مناطق واسعة في شبه الجزيرة العربية وحوض الخليج العربي. وتشمل العراق والأردن. وفي المنطقة ستكون الفرصة متوافرة، وفي عمق الخليج تكون الفرصة أعنف، هذه الحالة يتوقع لها الاستمرار لفترة لاحقة، ولذلك فالمراقبة مهمة»، ناصحاً ب «الابتعاد عن المباني والأعمدة الحديدية وأبراج الاتصالات، مع الإقلال من استعمال الموبايل». بدوره، اعتبر عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك الدكتور خالد الزعاق، الأمطار التي ستشهدها السعودية خلال آذار (مارس) الجاري «طبيعية جداً ومواتية ولا يوجد فيها أي شذوذ عن الحالات والمعدلات الطبيعية». وقال ل»الحياة»: «إن موسم الأمطار الغزيرة سيكون في نيسان (أبريل) المقبل، وتتأثر به المنطقة الوسطى، إذ تتخلق السحب في هذا الشهر سريعاً من دون سابق إنذار. وتكون حبات المطر فيها كبيرة وغزيرة وزاخة»، موضحاً أن «الأمطار تتسبب في أضرار بليغة، ولهذا يتم التحذير من الذهاب إلى بطون الأودية ومجاري الشعاب والسيول، خصوصاً خلال الفترة التي تشهد فيها المنطقة تقلبات جوية، لأن الأجواء في بعض الأودية الميتة تكون صحوة، في حين تحمل في بطونها سيولاً منقولة قادمة من مناطق ماطرة». وذكر الزعاق أن ما نعيشه هذه الأيام آخر مواسم «العقرب»، الذي يصادف هذا اليوم الاثنين، وهو «آخر أيام هذا الموسم، ويعقبه موسم «الحميمين»، الذي سمي بذلك نسبة إلى «حموة» الأرض والسماء، ونتيجة لهذا الموسم تكون الأجواء مضطربة جداً، وهذا ما سنشهده خلال الأيام المقبلة، إذ ستنفذ رطوبة عالية جداً مع هواء بارد في طبقات الجو العليا وسيتلاقح الهواء البارد مع الرطوبة من خلال البحر الأحمر، وينتج من هذا التلاقح تخلق للسحب الرعدية الممطرة على أماكن متفاوتة وذات قوة مختلفة وعلى مناحٍ عدة، من الشمالية وأجزاء من الوسطى والشرقية والغربية. وهذه التغييرات تكون في ذروتها نهاية هذا الأسبوع وبداية المقبل». وذكر الباحث الفلكي أن «التغييرات الجوية خلال هذه الفترة لأننا نعيش في موسم انتقالي بين الشتاء الفعلي والربيع، وينفث إلينا بعضاً من الرياح الباردة بما يسمى ويعرف عند العامة ببرد «بياع الخبل عباته»، وهذا البرد يأتي بعد فترة دفء طويلة ويعود البرد مرة ثانية، ومن ثم يؤثر على الأجساد ولا يأتي هذا إلا بعد أن يظن الناس أن الشتاء ولّى، وموسم برد «الحميمين» هو موسم الأمطار الشديدة والغزيرة وبما يعرف لدى العامة ب «مراويح الصيف». وسميت بذلك لأنها تأتي في أخر النهار بأمطار غزيرة، وتسمى فلكياً ب»السريات»، لأنها تسري في الليل والأمطار خلال هذه الفترة لا تكون في الصباح، وإنما في فترة الظهيرة مع العصر، وإذا غابت الشمس تتوقف الأمطار وتنقشع بذلك الغيوم وتعود الأجواء إلى حالة الاعتدال الطبيعي». وعن حالة المناخ في الخليج العربي، أوضح الزعاق أن «المنظومة المناخية التي نعيشها واحدة، ومغادرة السحب خلال هذه الفترة تكون من خلال السعودية، التي تعد قنطرة عبور الرياح إلى الكويت والبحرين وقطر والإمارات. أما سلطنة عمان فإن لها منظومة مناخية مغايرة عن منظومة بقية دول التعاون، إذ يؤثر عليها بحر العرب وأمطارها صيفية وليست كبقية دول الخليج، التي تكون أمطارها شتوية. إذ نتأثر جميعاً بالمنخفض السيبيري الذي يضم ذراعين إحداهما مع عقارب الساعة، والأخرى عكسه، وتتأثر بها السعودية وبقية دول الخليج، فيما تتأثر عمان بالذراع التي تسير مع عقارب الساعة. وهذا هو الفارق بيننا وبينهم، وإن كان المصدر واحداً». «الأرصاد»: لن نخوض سباقاً مع الفلكيين وتوقعاتهم غير المنطقية قال المتحدث باسم «الأرصاد وحماية البيئة» حسين القحطاني ل «الحياة»: «علم الفلك لا تربطه علاقة بالأرصاد، لا من قريب أو من بعيد، والتكهنات الكبيرة والتوقعات البعيدة المدى في علم الأرصاد تعتبر غير صحيحة وتفتقد الدقة»، لافتاً إلى أن «التوقعات تمتد من خمسة إلى ستة أيام كحد أقصى، وليس على مدى أبعد من ذلك». وذكر أن «الأرصاد» تنشر في كل فصل من فصول العام «الملامح المناخية، وتعطي تصوراً لحالة الفصل بناء على مراجعة تقارير 30 إلى 40 عاماً مضت. ويتم درس هذه المعلومات المناخية وتحليلها، وعلى ضوئها يقال إن الفترة الماضية تم تسجيل حالة مناخية معينة»، مضيفاً: «نشر معلومات الأرصاد أصبح موضة، ويخرج للعلن فلكي ويسمي الظواهر الجوية، ويوزع الطقس على أنحاء المملكة»، لافتاً إلى التكهنات التي ترددت أخيراً، «إما منقولة من مواقع إلكترونية أو جهات مجهولة المصدر». وقدم القحطاني توقعات «الأرصاد» للطقس خلال الفترة المقبلة، بالقول: «نحن مقبلون على فترة انتقالية، ففي 20 آذار (مارس) الجاري تكون نهاية فصل الشتاء، وهذه الفترة تشهد تقلبات وهطول أمطار على المنطقتين الوسطى والشرقية. لكن تحديد كمية الأمطار بهذا الشكل صعب جداً»، مؤكداً: «لم نطلق أي تحذير أو تنبيهات، ولدينا نظام آلي مفتوح للجمهور، يعطي تحذيرات وتنبيهات على مدار الساعة، في حال وجود إعلان». وأضاف: «نحن مرتبطون مع جهات حكومية ملزمة بتحديد مواعيد المراقبة والتحذير والتنبيه، من أية حالة جوية، وهذه الجهات الحكومية تبني خططها وبرامجها بناء على معطياتنا، والرئاسة لن تدخل طرفاً في سباق مع أشخاص أو فلكيين في إعلان حالة الطقس، والأمور تتعلق بظروف المجتمع، الرئاسة تدعو لإبعاد المجتمع عن هذه المعلومات غير الدقيقة، التي تؤثر على المجتمع بشكل آو بآخر».