عندما أنجز مانشستر يونايتد صفقة ضم النجم الأرجنتيني أنخيل دي ماريا الصيف الماضي من ريال مدريد، فإن الدهشة أصابت الكثيرين، مُعللين السبب بأن «النادي الملكي» كان بحاجة إلى المال لإنجاز صفقاته الخاصة، ومنها ضم الكولومبي خيميس رودريغز، والألماني توني كروس، فكان مبلغ 60 مليون جنيه إسترليني يعتبر مقبولاً لانتقال الجناح الذي اختير نجم اللقاء في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بين الريال وجاره أتلتيكو، وكان أحد أبرز نجوم المنتخب الأرجنتيني في مونديال البرازيل، ولولا إصابته وغيابه عن المباراة النهائية لربما اختلفت نتيجة المباراة النهائية، مثلما يود الكثيرون من معجبيه الاعتقاد. لكن بعد عدد من العروض المُخيّبة مع مانشستر يونايتد، فإنه اُستبدل للمرة الثالثة على التوالي، حتى أنه في المباراة الأخيرة ضد نيوكاسل لم يهدد مرمى المنافس نهائياً، وكانت 63 في المئة فقط من تمريراته دقيقة، وقبلها في المباراة ضد سندرلاند فإنه اُستبدل في الشوط الأول، وخاض ما مجموعه 11 مباراة متتالية من دون أن يسجل أي هدف، ليظل على رصيده أربعة أهداف التي سجلها طوال الموسم، وكان آخرها في مطلع كانون الثاني (يناير) الماضي، في مباراة ضد فريق يوفيل من الدرجة الثانية في مسابقة كأس إنكلترا، حتى وصل بعض المتابعين إلى نتيجة حسابية أن كل هدف سجله دي ماريا كلّف خزانة النادي 14.9 مليون جنيه إسترليني. البداية كانت نارية مع يونايتد، ففي مبارياته الخمس الأولى مع الفريق سجل ثلاثة أهداف وصنع أربعة، لكن التذبذب بات واضحاً في الآونة الأخيرة، إذ بلغت نسبة تسديداته الدقيقة 43 في المئة، ونسبة تمريراته الدقيقة 78 في المئة. فهل كان كارلو أنشيلوتي، مدرب الريال محقاً عندما سمح لدي ماريا بالرحيل، فالمدرب الإيطالي غير متفاجئ من الانخفاض الحاد في أداء النجم الأرجنتيني، لأنه يدرك أنه يفقد التحكم ويخطئ في التمرير في أوضاع حاسمة للفريق، وهو ما أشار إليه مدربه الحالي في يونايتد الهولندي لويس فان غال، الذي اعتبر أن دي ماريا يتمادى في المراوغة والاحتفاظ بالكرة. لكن في المقابل كان مدرب المنتخب الأرجنتيني جيراردو مارتينو أكبر المدافعين عن نجمه، معتبراً أن معاناة مانشستر يونايتد في تقديم عروض مقنعة هي سبب تذبذب مستوى دي ماريا. ورأى كثير من المتابعين أن قدرات دي ماريا في الاختراق والانطلاق بالكرة تتطلب اشراكه أكثر على الجناحين، أو بالتحديد على الجهة اليسرى، لكن المدرب فان غال يستعين بالنجم أكثر خلف المهاجمين، وهو ما يفسد قدرته على التعبير عن موهبته بصورة أفضل وتحرمه من استغلال مهاراته الحقيقية في المركز المناسب لها. لا شك أن مانشستر يونايتد حقق نتائج رائعة في الثلثين الأخيرين من الموسم، إذ لم يخسر في 22 مباراة سوى في مباراتين، على رغم أن العروض والأداء لم يتماشيا مع النتائج، فاعتبر محظوظاً في كثير من الأحيان، حتى أن جماهير الفريق غير راضية عن أسلوب فان غال في إدارة الفريق وفي طريقة عرضهم، حتى أنه تعالت أصوات على عدم رغبته في إعطاء الفرصة كاملة للمهاجم الكولومبي الفذ راداميل فالكاو، الذي عانى كثيراً خلال الأسابيع والشهور الماضية، حتى بات واضحاً تأثره من فقدان الثقة بنفسه وبموهبته بسبب إهماله وتهميشه. لكن مع دي ماريا، هناك عامل مهم لم تشر إليه وسائل الإعلام ولا المتابعون، وله ارتباط وثيق بتذبذب مستوى النجم الأرجنتيني، ففي 31 كانون الثاني (يناير) الماضي، وبعد مشاركة دي ماريا مع يونايتد في المباراة ضد ليستر في الدوري الإنكليزي في ملعب «أولد ترافورد» تعرّض منزل النجم الأرجنتيني إلى محاولة للسرقة خلال وجوده مع زوجته وابنته وهم يتناولون وجبة العشاء، ولاذ المهاجمون بالفرار بمجرد سماع جرس الإنذار، لكن الحادثة تركت شرخاً كبيراً عند عائلة دي ماريا الصغيرة، حتى أن زوجته رفضت البقاء في المنزل منذ تلك الليلة، وصارت تقطن في فندق بعيد عن منطقة التي فيها المنزل، حتى تردد أنها باتت تطالب زوجها النجم بالرحيل عن الفريق وعن البلاد. وبعد هذه الحادثة مباشرة بدأت عروض دي ماريا بالتذبذب والانهيار، وحتى بدا واضحاً فقدان الشهية في عروضه، وعدم رغبته في اللعب، وكأن تفكيره في مكان آخر. مهما كان سبب إخفاق دي ماريا، فإن الجميع يدرك أن موهبته عندما يكون في يومه فإنها لا تُضاهى، لكن من الواضح جداً أنه سريع التأثر بما يدور حوله، مثلما حدث في الريال في مطلع الموسم الماضي، وأتهم بعمل إيماءة مسيئة إلى الجماهير، لكن جماهير يونايتد تريد استعادة نجمها الذي تألق في مطلع الموسم قبل أن تعتبره نجماً أخفق مع «الشياطين الحمر». دي ماريا لم يتوقف عند نقطة التراجع، بل إنه تلقى البطاقة الحمراء في ربع نهائي كأس إنكلترا في مباراة فريقه أمام أرسنال، وربما أن نقص «الشياطين» في تلك المباراة رجّح كفة الضيوف وبالتالي فقدان مانشستر يونايتد فرصة المنافسة على اللقب، فماذا يحدث للأرجنتيني؟.