منذ أواسط التسعينات من القرن العشرين، أنطلق نقاش في الأوساط العلمية عن الأثر الإيجابي لتعلّم الفرد أكثر من لغة واستعمالها، على الدماغ وقدراته. جاء ذلك النقاش في سياق الاهتمام بالإصابة بالخرف من نوع "ألزهايمر" وسبل علاجه والوقاية منه. وحينها، أجريت دراسة على مجموعة من الراهبات اللواتي سكنّ ديراً بريطانياً، وأظهرن قدرة على مقاومة خرف الشيخوخة و"ألزهايمر"، بفضل ممارستهن مجموعة من النشاطات العقلية حتى عمر متأخر، ومن بينها تعلّم لغة جديدة أو أكثر في سن متقدّم. وأخيراً، صدر تقرير عن دراسة دولية واسعة، دعمها الاتحاد الأوروبي، تناولت الأثر الإيجابي لتعلّم اللغات على الدماغ وقدراته المتنوّعة. حمل التقرير عنوان "مساهمة التعدّد لغوياً على الإبداع". وتعتبر الدراسة أولى من نوعها، إذ أنها أجرت تحليلاً واسعاً على المقياس الكبير، بحيث شملت مجموعات كبيرة من الدراسات الدولية، إضافة الى نتائج البحوث الحديثة عن الدماغ. وترأس فريق التحليل البروفسور ديفيد مارش، من "مركز التطوير المهني المستمر" في جامعة "يفاسكيلا" في فنلندا. وأوضح أن التحليل الواسع حسم الجدل بصدد فائدة التعدّد اللغوي للدماغ، مبيّناً أن البحوث الطبية على المخ أشارت الى تنشيط 6 مراكز رئيسية في المخ، بفضل تعلّم الشخص أكثر من لغة. وأكّد أن ممارسة ذلك النشاط المتعدّد يدعم قدرة المخ على إداء المهام العقلية المُعقّدة مثل التفكير الابداعي والتواصل مع الآخرين، إضافة الى تأخير ظهور أعراض التباطؤ في الإداء ذهنياً وعقلياً ونفسياً حتى في مراحل متأخرة من العمر. وفي التفاصيل، أورد مارش أن التعدّد لغوياً يحفّز قدرات الذاكرة في الدماغ بصورة بارزة، مُذكّراً بأن الدماغ البشري يعتمد على الذاكرة في أداء مهام مثل التعلّم والتفكير وإتّخاذ القرار. ونبّه مارش الى أن تقوية الذاكرة تزيد من أداء الدماغ معرفياً، وفي إداء المهام المعقّدة والتوصل الى خلاصات في مسائل متعددة المراحل وغيرها. وعلى عكس دراسات سابقة ركّزت على ان الأثر الإيجابي للتعدّد لغوياً لا يظهر إلا لمن يتقن لغات عدّة، شدّدت دراسة فريق مارش الدولي على أن ذلك الأثر الإيجابي يحدث حتى عند المبتدئين بدراسة لغة ثانية. للمزيد من التفاصيل، يمكن الرجوع الى موقع "ألفا غاليليو.كوم" AlphaGalileo .