لم يحتفِ العالم ببلوغ عدد سكان القارة الافريقية عتبة البليون نسمة، أي 15 في المئة من سكان العالم. فارتفاع عدد سكان افريقيا يبعث على القلق، ويدعو الى الاستنفار لمواجهة تحديات كبيرة. وذلك أن مجتمعات القارة الافريقية فتية. فولادة من أربع ولادات في العالم هي أفريقية. وتتوقع دراسات ديموغرافية أن يتضاعف عدد سكان افريقيا في مطلع 2050، ويبلغ بليوني نسمة. ويبعث على الأسف أن هذا النمو السكاني الكبير لم يحرك عجلة نمو اقتصادي، على ما حصل في اميركا، في الماضي. فالنمو السكاني بافريقيا يترافق مع تفشي الفقر، وانخفاض متوسط الحظ في الحياة. فالمتوسط هذا لا يتعدى 53 عاماً في القارة الافريقية. وأظهرت دراسة لمنظمة ال «فاو» (منظمة الغذاء والزراعة في الاممالمتحدة) ارتباط الزيادة السكانية بتردي التغذية. وقد يقول قائل أن النمو الاقتصادي الصيني يسهم في تحريك عجلة النمو بافريقيا. ولكن النموذج الصيني خلف معظم سكان افريقيا على هامش الحركة الاقتصادية ونموها. ويميل عدد كبير من الرؤساء الأفارقة الى نموذج النمو الاقتصادي الصيني السريع، وركنه الأبرز هو اليد العاملة الرخيصة وغير المؤهلة. وتنافس الاستثمارات الصينية بافريقيا الاستثمارات الفرنسية. وفي بعض الدول، نجحت الصين في الهيمنة الاقتصادية، وتقدمت على فرنسا. ولكن الصينيين لا يستثمرون في تنمية البنى التحتية المحلية. ورؤساء الدول الافريقية ينظرون بعين الرضى الى الدور الصيني. فالفساد متفشٍ في الانظمة الحاكمة، والفقر مستشرٍ في الارياف وبعيداً من المدن. وتتجنب الحكومات دعوة الأسر الى استخدام وسائط منع الحمل وتنظيم الاسرة. فمثل هذه الدعوة لا تلقى آذاناً صاغية، وتصطدم بتقاليد المجتمع الافريقي. فالاولاد يعملون في الارض، ويسهمون في اعالة العائلة. ولا تبذل الدول الغربية جهوداً وافية في كبح النمو السكاني بافريقيا. وهي تمول خططاً تذهب استثماراتها الى جيوب الرؤساء الافارقة. والغرب مدعو على حث الحكومات الافريقية على خفض معدلات النمو السكاني لقاء حوافز اقتصادية. * معلق، عن موقع «فلش اند ستون.نت» الدولي 19/11/2009، إعداد منال نحاس