عملية تعيين الرئيس الأوروبي ووزير خارجية الاتحاد الأوروبي (ممثل سياسة الاتحاد الأوروبي الأعلى) هي في مثابة مهزلة ديموقراطية. ويبدو أن الدول ال27، خصوصاً فرنسا وألمانيا تسعى الى تعيين اشخاص غير نافذين، على ما فعلت عند تعيين خوسيه ايمانويل باروسو رئيساً للمفوضية الأوروبية. فالدول الأعضاء تتمسك بالسلطة، ولا تريد انتقالها الى رئيس عتيد. ومثل هذه السياسة ترسي بنية أوروبية تمثل الحكومات، وهي غير الاتحاد. وفوّت البرلمان الأوروبي فرصة الاضطلاع بدوره في مجال الاشتراع الدستوري الأوروبي. ولم ينظم جلسات استماع الى المرشحين المختلفين الى منصب رئيس المجلس الأوروبي، على رغم أن صلاحية تعيين الرئيس تعود الى رؤساء الحكومات. ومثل هذه الخطوة كانت لتسهم في إرساء معايير واضحة و»شفافة» في اختيار الرئيس، في وقت أعلن أكثر من شخص كفؤ مثل جان - كلود جانكر، رئيس وزراء لكسمبورغ، وفايرا فايك – فريبيرغا، رئيسة ليتوانيا السابقة، وتوماس هندريك ايلف، رئيس استونيا، ترشحهم رسمياً الى رئاسة المجلس. ولم يظهر البرلمان الأوروبي وزنه السياسي يوم دعته الدول الأعضاء الى الاقتراع لباروسو. ولم يلب الدعوة هذه. فأوروبا تتعثر في سيرها نحو الديموقراطية. وكان في وسع البرلمان الأوروبي انشاء لجنة يوكل اليها اختيار المرشحين، وتنظيم جلسات عامة يشرح فيها المرشحون برامجهم ورؤيتهم الى منصب الرئاسة. ويحتسب المجلس نتائج هذه الجلسات في الاقتراع للمرشحين. وحبذا لو يعين وزير خارجية أوروبي سبق ان عارض الحرب على العراق ليقوِّم ميزان الموقف الأوروبي. فباروسو كان من مؤيدي الحرب. والمشكلة في الاتحاد الأوروبي هي ان الحكومات الأوروبية تنتدب الى بروكسيل سياسيين محليين هم في ختام مسيرتهم العامة لتتخفف منهم. فعلى سبيل المثال، أظهرت أنغيلا مركيل لا مبالاتها بأوروبا، ورشحت رئيس باد - فيرتينبرغ ووزيرها، غونتر أوتينغر، مفوضاً الى بروكسيل. وهو سياسي لم يعن يوماً بالشؤون الأوروبية. وقرار مركيل هو قرار سياسي محلي، ومرآة سياسة الحزب الديموقراطي المسيحي. فرؤساء الدول الأوروبية ينتدبون الى بروكسيل سياسيين ضعفاء أو غير نافذين ليدافعوا عن مصالح حكوماتهم وليس عن المصالح الأوروبية المشتركة. * نائب أوروبي ورئيس مجموعة الخضر في البرلمان الأوروبي، عن «ليبيراسيون» الفرنسية، 18/11/2009، إعداد م. ن.