يمثل الوطن العربي بوابة الديانات نحو طريق يؤدي الى مدينة تسمى مدينة الحرية، والذي يجسد أروع صورة للأخوة والتآخي بين المسلمين والمسيحيين. صحيح أن التحديات تحاصره من كل الجهات «داخلياً وخارجياً»، لكن مآذنه وأجراسه قهرت تلك التحديات بالتآخي الداخلي، من هنا احتضن الأخ اخاه، رافع الآذان وقارع الأجراس. إن الخطاب والقلم اللذين يعبران عن هموم الشعوب كي تصل الحقيقة إلى من يحبها ويعشقها، هما عبارة عن سلاح بسيط ذي فاعلية كبيرة في التأثير في المستوى السياسي، ولكن حينما يتبين أن النصوص التي يكتبها الصحافيون والمحللون السياسيون لا يسمعها الساسة والمسؤولون، فحتماً ستتغير الأداة في التعبير عن تلك القضايا وبشتى الطرق لتناسب الظروف التي تقهرهم، لكن ما الفرق عندما تتغير الأداة من استعمال الخطاب والقلم إلى استعمال أشياء أخرى لا يرضاها الساسة؟ إن الفرق واضح بين الأداتين، ففي الأداة الأولى تذوب النصوص المكتوبة بالقلم وتنسى على مر السنين، ولكن في الأداة الثانية ستكتب في التاريخ ولا تنسى إلى الأبد، وستظل محفورة في الذاكرة عبر كل الأجيال، وأكبر مثال على ذلك حذاء الرئيس الروسي خروتشوف الذي ضربه على منصة المؤتمرات ليسمعه الجميع... فهل نسي أحد هذا الموقف؟ إن المتواجدين في هذا المؤتمر لم يلتفتوا إلى الكلمات والنصوص التي كتبها خروتشوف ولكنهم فهموا لغة الحذاء العفوية التي جعلت النصوص ذات قيمة يسمعها الجميع. ولا ننسى الصوماليين في أواخر الثمانينات حينما كانوا يشاهدون طائرات الهليوكوبتر الأميركية، كانوا على الفور يخلعون أحذيتهم ويرفعونها الى الأعلى باتجاه الطائرات كتعبير عن رفضهم الأميركي على أرضهم. إن لغة «الأشياء الأخرى» يا سيادة الرئيس أوباما لم يقم بها أحد مما تدعون أنهم إرهابيون، ولكنها انطلقت من أناس عانوا وما زالوا يعانون المشاهد اليومية من مجازر وانتهاكات للشرف يقوم بها جنودكم الديموقراطيون والحريصون على الديموقراطية، غير متناسين أفعال طفلتكم المدللة إسرائيل. فهل اقتنعتم الآن بأن الشعب العربي غير راضٍ عن سياستكم تجاه المنطقة العربية؟ أن الذي يقتلنا هو نصف الدفء ونصف الموقف أكثر، حتى أن الصحافي رمى قلمه واستبدله بلغة أخرى كي تفهموا أن سياستكم لا تقوى على البصيرة إلا بعين واحدة. إن الوطن العربي يعاني كل المعاناة من جراء سياسة بلادكم، فإن أردتم معنى الحضارة فعليكم إرساء سياسة تليق بمعنى تلك الكلمة، لأن من أساسات الحضارة كلمة تسمى «حرية»، فالحضارة لا تبنى على مقولات هنتنغتون «صراع الحضارات» ولا على مقولات فوكوياما «نهاية التاريخ»!