قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الثلثاء إن فشل عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين يشكل ذريعة يستغلها المتطرفون لحشد الدعم والاستقطاب في جميع أنحاء أوروبا والعالم، كما حض الأوروبيين على محاربة العداء للإسلام «لأنه يؤجج التشدد بين المسلمين». وقال الملك في خطاب أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، إن «الفشل (في عملية السلام) يبعث برسالة خطيرة، إذ يؤدي إلى تآكل الثقة بالقانون والمجتمع الدولي، ويهدد ركائز السلام العالمي، أي حل الصراعات بالوسائل السياسية والسلمية، وليس بالقوة أو العنف». وأضاف «كما أن هذا الفشل يمنح المتطرفين حجة تساعدهم على حشد الدعم والتأييد، ذلك أنهم يستغلون الظلم والصراع، الذي طال أمده، لبناء الشرعية وتجنيد المقاتلين الأجانب في جميع أنحاء أوروبا والعالم». وأوضح انه «آن الأوان للتفكير في المستقبل والالتفات إلى أن هذا الصراع المستمر سيولد مزيداً من الكراهية والعنف والإرهاب في جميع أنحاء العالم». وتساءل: «كيف يمكننا خوض هذه المعركة الأيديولوجية ضد الإرهاب من دون أن نرسم مسار التحرك إلى الأمام، أي نحو تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟». وأكد انه «يجب على بلداننا أن توحد جهودها، ورسم الطريق التي ستقودنا إلى تسوية شاملة نهائية». وحذر العاهل الأردني من خطر الإرهاب والتطرف، وقال «علينا أن نرى تهديد التطرف على حقيقته، فهو تهديد عالمي، وأثره لا ينحصر في سورية والعراق فقط، إذ طاول عدوانه ليبيا واليمن وسيناء ومالي ونيجيريا والقرن الإفريقي وآسيا والأميركيتين واستراليا». وأضاف: «معركتنا ستستمر، لأننا، ومعنا دول عربية وإسلامية، لا ندافع فقط عن شعوبنا، بل عن ديننا الحنيف. فهذه معركة على الدول الإسلامية تصدرها أولاً، فهي -قبل كل شيء- حرب الإسلام». وأوضح «إننا اليوم نخوض حرباً ضد أيديولوجية عدوانية توسعية تتغذى على الكراهية، وترتكب القتل باسم الله تعالى والدين لتبرير شرور لا يقبل بها أي دين، إنها بلا شك حرب ضد إرهابيين ينتهكون قيم الإسلام والإنسانية». وأكد أن «انتصارنا اليوم بات يعتمد على وحدتنا، فدور أوروبا حيوي في حسم هذا الصراع، ولا سبيل إلا التعاون في ما بيننا لسد منافذ الدعم للإرهابيين وإحباط وهزيمة مخططاتهم الشريرة». وأثنى العاهل الأردني على ما وصفه «بشجاعة لا تلين» واجهت بها أوروبا هجمات، مثل تلك التي وقعت في باريس في كانون الثاني (يناير). ودعا إلى التعاون لمكافحة عنف الإسلاميين، وقال إن الحكومات الأوروبية يجب أن تعزز «الاحترام المتبادل وتبني المجتمع الذي يحتضن الجميع بلا تفرقة». وعدّ «التعدي على الآخرين وعزلهم وإهانة الشعوب وأديانها ومعتقداتها وشعورها الديني انتكاسة للمجتمعات». واعتبر «أوروبا شريكا مهماً في هذا المسعى، خصوصاً في المساعدة على محاصرة ظاهرة الخوف من الإسلام المتنامية عالمياً». ويشارك الأردن في التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة لضرب تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وفي سورية. ويضم التحالف الدولي كذلك الإمارات والبحرين. واعتقل تنظيم «الدولة الإسلامية» الطيار الأردني معاذ الكساسبة في كانون الأول (ديسمبر) في سورية بعد سقوط طائرته التي كان يقصف بها في إطار عملية للتحالف الدولي مواقع لتنظيم «الدولة الإسلامية» في محافظة الرقة (شمال). وأعدم على الأثر حرقاً رداً على مشاركة الأردن في التحالف، وفق شريط فيديو مطلع الشهر الماضي. وذكر الملك عبد الله بجهود بلاده في استقبال اللاجئين الفارين من العنف في المنطقة، وقال إن «الأردن استقبل آلاف المسيحيين العراقيين السنة الماضية، فضلاً عن توفير المأوى ل 1,4 مليون لاجئ سوري خلال السنوات القليلة الماضية». وأوضح انهم «يشكلون 20 في المئة من السكان، وان هذا الواقع يماثل قيام فرنسا باستضافة كل سكان بلجيكا». وخلص إلى أن «بلدي الصغير، الأردن أضحى الآن ثالث أكبر مضيف للاجئين في العالم. ونقدّر عالياً جهد كل أولئك الذين يعينوننا في أداء هذه المسؤولية الدولية».