في أول محاكمة علنية مرتبطة بملف الجزائريين العائدين من معتقل «غوانتنامو» الأميركي، برأ القضاء أمس اثنين من أوائل المرحلين الستة الذين سلمتهم الولاياتالمتحدة. واعتُبرت هذه الخطوة محاولة لسحب مبررات يسوقها بعض مواطنيها المعتقلين حالياً في دول غربية اعتراضاً على ترحيلهم خوفاً من «سوء المعاملة» وعدم ضمان محاكمة عادلة. وقضت محكمة الجنايات في مجلس قضاء العاصمة أمس، ببراءة المعتقلين السابقين في «غوانتنامو» من تهمة «الانتماء إلى تنظيم القاعدة»، في المحاكمة الأولى في تاريخ القضاء الجزائري لمعتقلين سابقين لدى الولاياتالمتحدة، بعد خضوعهما لتحقيقات ورقابة قضائية في البلاد استمرت عاماً كاملاً. لكن رئيس هيئة المحكمة أرفق حكمه ب «تحذير شفهي» للمعتقلين عبدلي فاغولي وطراري محمد، مؤكداً أن القضاء مستعد لفرض أشد العقوبات ضدهما في حال اشتبه بقيامهما بأفعال ذات صلة «بالإرهاب» في المستقبل، وقرر رفع الرقابة القضائية عنهما. وقال محامي المعتقلين رئيس «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» مصطفى بوشاشي ل «الحياة»، إن التحذير الشفهي «نفهمه على أنه تجاوب جزائري ملطف مع شروط أميركية قبل الترحيل بضمان عدم عودتهما لممارسة الإرهاب». وحسب قرار الادعاء، فإن الجزائر تسلمت المعتقلين في 15 آب (أغسطس) 2008 بعد قضائهما سبع سنوات في المعتقل الأميركي من دون محاكمة، وهما «سافرا إلى ألمانيا في بداية التسعينات حيث امتهنا هناك تجارة المخدرات والسرقة»، ثم «تحولا بعد ذلك إلى أفغانستان حتى أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001». وتبين إثر التحقيقات الأولية أن المعتقلين «غادرا الجزائر قبل سنوات بطرق غير مشروعة، ونجحا في التنقل عبر دول أفريقية وآسيوية عدة بجوازات سفر مزورة، ليستقر بهما الحال فيما بعد في باكستان، حيث تزوج أحدهما امرأة باكستانية، قبل أن تعتقلهما القوات الأميركية في مدينة قندهار في أفغانستان، وتحيلهما لاحقاً على معتقل غوانتنامو حيث قضيا نحو سبع سنوات بشبهة الإرهاب». وخلال جلسة المحاكمة، اعترف المتهمان بعملهما في تجارة المخدرات في ألمانيا، إلا إنهما نفيا انتماءهما إلى أي جماعة «إرهابية» في أفغانستان، وتحدثا مطولاً عن «تعذيب قاس» أثناء تواجدهما في غوانتانامو. وكان الادعاء طلب عقوبة السجن عشرين عاماً للمتهمين، على خلفية اعتقالهما من قبل القوات الأميركية في أفغانستان، وحاولت النيابة إقناع هيئة المحكمة بتورطهما في نشاط مسلح لحساب «القاعدة» وتزوير جوازات سفر للدخول إلى باكستان. واعترف المتهمان بأنهما غادرا ألمانيا حيث احترفا تجارة المخدرات، لزيادة نشاطهما بتهريب الأفيون من أفغانسان، «لكن من دون علاقة بتنظيم القاعدة». و قال فاغولي للقاضي: «حين دخلنا أفغانستان، نصحنا أفغانيون بعدم المخاطرة في هذه التجارة، ووجهونا إلى العلوم الفقهية والشرعية». وأكدت النيابة العامة استقبال ستة معتقلين تم ترحيلهم على فترات متفاوتة من معتقل «غوانتنامو» بعد قرار الإدارة الأميركية الإفراج عنهم، وتم وضعهم جميعاً تحت الرقابة القضائية بأمر من قاضي التحقيق، في انتظار استكمال التحقيقات مع بقية المرحلين.