صار المكفوفون الفلسطينيون قادرين على التحاور والدردشة، والتواصل مع غيرهم عبر منتدى الكتروني على الشبكة العنكبوتية، في خطوة وصفها كثير من المراقبين والمهتمين بالاختراق الحقيقي والمهم للغاية. ويقول مصطفى الجوهري، الشاب الفلسطيني الكفيف، وأحد القائمين على إدارة المنتدى الحديث العهد: «جاءت الفكرة خلال زيارة قام بها طلبة مكفوفون فلسطينيون من جامعة حيفا داخل الخط الأخضر، للطلبة المكفوفين في جامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية، وتمت خلالها مناقشة المشاكل التي يعاني منها المكفوفون في جميع المناطق الفلسطينية. في نهاية هذا اللقاء الذي انطلق قبل أشهر عدة قررنا القيام بشيء ما لتأكيد فعاليتنا من جهة، ولتنسيق جهودنا باتجاه المطالبة بحقوقنا، والتشديد على ضرورة الالتفات الينا من جهة أخرى، فكان منتدى «معاً لنرسم البسمة على وجه مكفوفي فلسطين». ويضيف الجوهري، الذي يدرس في جامعة النجاح إضافة إلى انخراطه في العمل الإعلامي مع العديد من الإذاعات المحلية: «لم يكن العمل سهلاً بالمطلق، خصوصاً أنها مبادرة ذاتية وتمت بدعم ذاتي من المكفوفين، وبإصرار الطلاب الفلسطينيين من المكفوفين داخل الخط الأخضر والضفة الغربية». ويؤكد الجوهري: «نحن كمكفوفين فلسطينيين نعيش معاناة مضاعفة تختلف عن بقية المكفوفين في العالم، بخاصة أننا شعب تحت الاحتلال، الذي تمنع سلطاته التواصل بين الشباب الفلسطيني، الذي نحن جزء منه، وبالتالي جاء المنتدى لتعزيز التواصل، واختراق الحواجز التي يصنعها الاحتلال، فعلى الانترنت لا حواجز. والموقع يوفر لنا فرصة التواصل عبر البريد الالكتروني، وعبر غرف الحوار والدردشة الالكترونية الصوتية. ومن جهة أخرى تأتي فكرة هذا المنتدى الالكتروني لإيصال صوتنا عالياً لجهة ما يعانيه المكفوف الفلسطيني من إهمال على الصعيدين الرسمي والشعبي، وبالتحديد فئة الشباب الذين يملكون طاقات لابد من استثمارها، وللتأكيد أن الكفيف إنسان مبدع لديه طاقات يمكن الاستفادة منها، وتطويرها». ويشير الجوهري الى أن المنتدى الالكتروني يوفر للكفيف فرصة التعاطي بسهولة مع الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) التي تشتمل على خدمات صوتية ترشد الكفيف إلى آلية التعاطي مع الأجزاء المختلفة داخل الموقع، فهناك علاوة على غرف الدردشة والحوار الصوتية، والبريد الالكتروني الصوتي، برامج خاصة بالهواتف النقالة للمكفوفين، تعينهم على التعامل مع هذه الهواتف، وغيرها من البرامج الخاصة بالتطورات التكنولوجية، وبالتالي يتيح الموقع للكفيف الفلسطيني، وحتى العربي، فرصة للتعاطي مع التطورات التكنولوجية العالمية كغيره من المبصرين. ويشدد الجوهري على نقطة مهمة، وهي تحول منتدى «معاً لنرسم البسمة على وجه مكفوفي فلسطين» إلى مساحة للفضفضة، يتحدث فيها المكفوفون عن مشاكلهم ومعاناتهم، ونافذة خير لمن يرغب في مساعدتهم. وفي هذا الإطار استطاع المنتدى، وعبر العديد من المؤسسات الإغاثية العربية، ومن بينها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية، توفير عصي لقرابة 50 شاباً من المكفوفين، إضافة الى عدد من من الساعات الناطقة، والحواسيب الناطقة، ثابتة أو متنقلة. واشار الجوهري إلى أن المؤسسة الخيرية قدمت البرنامج الذي يقوم بتحويل الحواسيب النقالة العادية إلى ناطقة، وتكلفة الواحد منها قرابة ثلاثة آلاف دولار, وتسمح بإطلاق أصوات عند الضغط على الأزرار وذلك بأربع لغات. وأعطي البرنامج إلى جميع الطلبة المكفوفين في جامعة النجاح الوطنية في نابلس، وعددهم ثمانية. ويشير الجوهري، إلى أن مشروع المنتدى على الإنترنت، والذي تم بالتعاون مع الهيئة الاستشارية الفلسطينية، يقدم مثل هذه البرامج للمكفوفين الشباب بالمجان، من خلال التواصل على المنتدى. ويشتمل المنتدى العديد من الأقسام، منها «بيتك والجنة»، ويحتوي على زاوية القرآن الكريم، وصوتيات ومرئيات، وهناك قسم ثقافي يشتمل على معلومات عدة في أكثر من اتجاه ومساحة لنشر إبداعات المكفوفين، وآخر قانوني حول القوانين الخاصة بالمكفوفين، وكذلك قسم لأخبار المكفوفين، وآخر حول البحوث العلمية عن المكفوفين، وقسم الاستشارات بإشراف قانونين وحقوقيين، وزاوية تتعلق برصد الإنجازات وقصص النجاح لمكفوفين فلسطين شباب، وشباب من ذوي الحاجات الخاصة أيضاً، إضافة إلى المنتدى الحواري. واللافت أن المنتدى (www.smileblind.net)، يحتوي أيضاً على زاوية خاصة بالشابات، وتشرف عليها مكفوفات أيضاً، وتحمل اسم «مطبخ المنتدى»، وفيها طرق تحضير العديد من الأصناف الغذائية، والحلويات، مسجلة صوتياً، وهناك زاوية «عالم المرأة»، وغيرها الكثير الكثير من أهمها «مذكرات كفيف»، ويرصد فيها المكفوفون يومياتهم. الانطلاقة كانت بجهود ذاتية، تحت شعار «الكفيف يساعد الكفيف»، وبالتالي كانت هناك حاجة لدعم المنتدى في أوساط المكفوفين أنفسهم، ومع الوقت تعاون العديد من المؤسسات، ومن بينها الهيئة الاستشارية الفلسطينية، ومقرها في مدينة جنين، مع القائمين على المنتدى، وجمعوا التمويل العربي والأجنبي لدعم المنتدى ومشاريعه.