أظهرت إحصاءات رسمية تونسية أن قطاع الخدمات شهد تطوراً متسارعاً خلال السنوات الأخيرة، إذ استقطب 49 في المئة من القوى العاملة في البلاد، وأمّن 26 في المئة من صادراته. وعلى رغم ان تونس بلد زراعي، ظلت حصة القطاع الزراعي من إجمالي الناتج المحلي ضئيلة بسبب اعتماده أساساً على الأمطار. أما القطاع الصناعي، الذي حاز على حصة مهمة من الصادرات، فيواجه صعوبات جمة نتيجة المنافسة الشديدة من المنتجات الآسيوية الرخيصة. ويتحول الاقتصاد التونسي تدريجاً إلى اقتصاد خدمات، إذ توقع وزير التجارة رضا بن مصباح ان تشكل مساهمة الخدمات في الصادرات نحو 30 في المئة عام 2016. واستطاعت تونس المحافظة على توازن اقتصادها بتنويع الروافد للحد من تأثير تقلبات المناخ. ويعتمد اقتصادها على الصادرات الصناعية، خصوصاً المنسوجات والبدائل الميكانيكية والكهربائية للسيارات، والفوسفات وإيرادات السياحة وتحويلات المهاجرين التونسيين في أوروبا والخليج، إضافة إلى المنتجات الزراعية خصوصاً زيت الزيتون والحمضيات والتمور. ويعتقد التونسيون ان التركيز على تنمية قطاع الخدمات سيُسرع من مسار إدماج الاقتصاد المحلي في الاقتصاد الأوروبي، الذي ارتبطت معه تونس باتفاق شراكة عام 1995. وأوضح بن مصباح في كلمة ألقاها أمس في ندوة عن واقع قطاع الخدمات أقامها اتحاد الصناعيين والتجار، ان القطاع استقطب السنة الماضية 50 في المئة من إجمالي الاستثمارات، وأمّن 60 في المئة من الدخل الوطني. وأفاد رئيس اتحاد الصناعيين والتجار التونسيين هادي الجيلاني ان مئة مؤسسة محلية تعمل في قطاع الخدمات استفادت من خطة التأهيل والتحديث التي يمولها الاتحاد الأوروبي. وتوقع ان يعزز القطاع موقعه بوصفه العمود الفقري للاقتصاد المحلي عام 2016، بارتفاع مساهمته في الدخل الوطني إلى أكثر من 64 في المئة وفي الاستثمارات إلى 53 في المئة. وأكد خبراء تحدثوا في الندوة ان تأهيل القطاع ممر إجباري فرضته استحقاقات المرحلة الجديدة في ظل التغييرات الاقتصادية الدولية، خصوصاً المفاوضات الجارية للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، ومقتضيات تنفيذ بنود اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وتوسيع منطقة التجارة العربية. ودعا الخبير الاقتصادي منير خنفير المؤسسات الخدمية المحلية إلى الالتزام بالمواصفات الدولية لتسهيل اندماجها في النسيج الإقليمي والدولي. وشدد على ان هذا الاستحقاق يشمل الفروع الثلاثة للقطاع، وهي مكاتب الدراسات وشركات التكنولوجيا وشركات النقل والاتصالات. وفي سياق متصل، استكملت تونس مد كابل بحري اسمه «هنيبعل» تُقدر سعته ب40 جيغابايت في الثانية، يربط بين مدينتي قليبيةالتونسية، ومزارة ديل فالو في جزيرة صقلية جنوب إيطاليا. ويبلغ طوله 180 كيلومتراً، وتجاوزت كلفته 13 مليون دولار، وهو أحد الكابلات الكبيرة التي تعبر البحر المتوسط، والأول الذي يعمل بالألياف البصرية. ويرمي إلى تعزيز شبكة الإرسال الرقمية التي تؤمّن سعة عالية، وسرعة تدفق كبيرة بما يُحقق استيعاب حركة الاتصالات المتنامية. وأتاح زيادة طاقة ربط البلد بالشبكة العالمية للإنترنت من 12 جيغابايت في الثانية عام 2006 إلى 17.5 جيغابايت في الثانية حالياً. ويأمل التونسيون زيادة عدد المشتركين في شبكة الإنترنت ذات التدفق العالي من 400 ألف مشترك إلى 1.4 مليون عام 2014.