تبرأ المفتي العام للسعودية رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، من أحاديث وتقارير فكرية وفقهية، زعم أصحابها أن «داعش» أو تنظيم القاعدة، منظمات محسوبة على أهل «السّنة» الذين يمثلون المذهب الإسلامي الأكثر اتباعاً في العالم. وقال: «من سبر أحوالهم وعرف خباياهم وجد أنهم فئة مجرمة ضد الإسلام والمسلمين، وأهل السّنة والجماعة براء منهم. إنهم سفكوا الدماء، وهتكوا الأعراض، ونهبوا الأموال، وتعاملوا مع الناس بقسوة، حتى قتل بعضهم بعضاً. الواضح من كل ذلك أنهم فئة ضالة لا خير فيها». واعتبر آل الشيخ في سياق لقاء نظمته «حملة السكينة» له مع الخبراء والمتخصصين في مكافحة الإرهاب، أن سكوت بعض العلماء وطلبة العلم عن تحريض الشباب السعودي، للانضمام إلى الحركات الإرهابية لا يجوز. بل لا بد من نصح الشباب وتوعيتهم بأن «تلك التنظيمات لا خير فيها، وأنها إنما تستغلهم، وتغرر بهم، وتوقعهم في المهالك». وحول ما اعتبره الجناح العلمي لتنظيم «داعش»، دفاعاً علمياً بعد حرقهم الطيار الأردني معاذ الكساسبة، نفى المفتي السعودي أن يكون لذلك الدفاع أي أصل شرعي، مؤكداً أنهم «يكذبون، فالحرق بالنار حرام ولا يجوز، إذ لا يحرق بالنار إلا ربها، وعلي ابن أبي طالب عندما حرق الخوارج استنكر ابن عباس ذلك الفعل عليه، فتحريق الناس لا يجوز، وهو إجرام ومنكر. لا أصل له في الشرع». وشدّد المفتي على ضرورة «محاربة المواقع (الإلكترونية) السيئة والمد الممنهج الضال الذي يضخه الفكر المنحرف»، مؤكداً أن بعض «شبكات التواصل الاجتماعي مليئة بالشر والقذف والافتراءات والباطل، ولابد من مواجهتها بالحق، لأن كل باطل وإن علا يزيله الحق». ودعا إلى «الاهتمام بالنشء، وتربيتهم التربية الصالحة، واحتوائهم من خلال الاستماع لهم، وزرع الثقة في أنفسهم»، وطالب «المسلمين بالتعاون في تحقيق مصالح الأمة ودرء المفاسد، وتجفيف منابع الشر في شبكات الإنترنت والتواصل الاجتماعي في زمن كثرت فيه الأباطيل والافتراءات». وحذّر من «إهمال الشبان، وتركهم للفراغ، وانهزام النفس، والعمل على توجيههم بالأساليب التي تناسب أعمارهم، وتوسيع دائرة الاهتمام بهم من الوالدين، سواء في داخل المملكة أم خارجها». من جانبه، أكد مدير حملة السكينة التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية الشيخ عبدالمنعم المشروح، أن تنظيم اللقاء، جاء بسبب ما تعيشه البلاد من ظرف تاريخي صعب، «فالمهددات تحيط بنا وتتسر عبر منافذ التواصل الإلكتروني والإعلام إلى عقول أولادنا وبناتنا، ففي دارسة لحملة السكينة، وجدت أن نحو 90 رسالة مسيئة، تستهدف السعودية في الدقيقة الواحدة». وزاد: «مثلما أن المهددات ضخمة ومتنوعة، كذلك الفرص للتصحيح والمعالجة، والمواجهة الآن أكبر وأفضل، فالمرحلة مناسبة لإحداث تغيير إيجابي وبشكل كبير في المجال الفكري، وإحداث نقلة نوعية في مواجهة التحديات، فالبرامج الفكرية والإعلامية والمجتمعية والعلمية وغيرها، الموجهة ضد الإرهاب، من المفترض أنها وصلت إلى حال نضج يؤهلها للخروج بنتائج مؤثرة». وكانت الحملة جمعت نحو 40 شخصية من مختلف القطاعات والتخصصات، طرحوا بين يدي المفتي السعودي أفكارهم ومبادراتهم، التي يعتقدون أنها ربما تسهم بتوسيع دائرة مكافحة الإرهاب فكرياً، إلا أنها لم تخرج كثيراً عن الإطار المعتاد للنقاشات العامة حول الإرهاب، وإصلاح المنابر، والمناهج، وتوقير العلماء، وتفعيل دورهم في دحض شبهات المنحرفين فكرياً. وفيما طالب فقهاء بمظلة واحدة لأنشطة تعزيز الأمن الفكري، التي تشترك فيها جهات حكومية وأهلية عدة، طمأن المستشار في وزارة الداخلية عثمان صديقي الحضور بأن وزارة الداخلية تعكف عبر خبرائها على وضع اللمسات الأخيرة على «استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الإرهاب»، تلبي مطالبهم.