إنتهت في قصر الإمارات الكبير في أبو ظبي وأنت تبحث عن أقسام «فن أبو ظبي»، قد تجد نفسك بالصدفة أمام أحد المعارض التي ستحسبها جزءاً من فعاليات «فن ابو ظبي» وستجذبك القطعة الرئيسية المثبتة عند مدخل المعرض، وهي مجسم لرجل مصنوع بأكمله من ساعات ذهبية صغيرة الحجم ومتشابهة ممسكاً بدراجة معدنية أيضاً ذهبية تحمل أبواقاً ذهبية. إنه عمل لفالاي شيند، فنان هندي معاصر يستخدم الوسائل الجديدة في اعماله ليعبر عن رأيه في القضايا الاجتماعية التي تنخر المجتمع الحضري الهندي. وبالغوص داخلاً سيتبين لك ان ما تجول فيه هو معرض الفن الهندي في «أبو ظبي سبكتروم» الذي تنظمه «هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث» والذي يضم أهم اعمال الفنانين المعاصرين والمجربين الجدد في الهند، ولكنه يبدو يتيماً هنا خارج المهرجان الكبير ل «فن أبو ظبي». وتقول مديرته الهندية ل «الحياة»، إن مبيعاته قليلة لغاية الآن، على رغم تواضع أسعاره قياساً بأسعار المعارض الأخرى. ويعد «فن أبو ظبي» أكبر المعارض الفنية التي أقامتها العاصمة الإماراتية حتى الآن، والتي تشمل أكثر من معرض ونشاط... ملأت كلها ردهات «قصر الإمارات الكبير» وقاعاته. وإنتهت أيضاً وجذبتك وأنت تتنقل بين طبقات القصر، أشكال عملاقة من «البونبون» (حلوى) في الطابق الثاني تحمل ألوان أعلام وطنية، أو مجسم لجورج بوش جالس على مقعد، فقد تكتشف هنا أيضاً انه معرض «غاليري اوبرا» – أبو ظبي، وأيضاً مرة أخرى خارج فعاليات «فن ابو ظبي»، ولكنه قد يكون مكملاً له. فهو المعرض الذي يضم القطع الفنية النادرة لكبار الفنانين العالميين، مثل بيكاسو وشاغال، بالإضافة الى أعمال فنية معاصرة. وتصل أسعار لوحات المعرض إلى اكثر من 7 ملايين دولار أميركي، كما هي الحال مثلاً مع لوحة بيكاسو «الطفل بالقلنسوة المقشرة»، أو لوحة مونيه «فيثاي في الشمس». ويقام المعرض بالاشتراك مع مبادرة «تحقيق أمنية» الإماراتية التي تحقق أمنيات اطفال من مواطنين ووافدين من عمر 13 الى 18 سنة، والذين يعانون من أمراض تهدد حياتهم، أي انه يحقق عملياً «آخر أمنية»، وتعود نسبة من أرباح هذا المعرض إلى «غاليري أوبرا». ولكن هذا الغاليري الذي يحتفل بالعيد الأول لإنشاء مركزه في دبي، يبدو أنه بات متحمساً للعمل أكثر في أبو ظبي. ويعتبر مديره الفرنسي برتران ايبود، ان أبو ظبي «باتت سوقاً أهم، فهي تضم مهتمين اكثر بهذه الأعمال الفنية الكبيرة». ويضيف: «في ظرف ساعات قليلة باع المعرض 20 لوحة اشتراها كلها إماراتيون، وخصوصاً من ابو ظبي والشارقة، منها لوحات لشاغال وبيكاسو، وأيضاً بعض الأعمال الفنية الحديثة، والتي كما كان ملاحظاً لها علاقة بالهوى الإماراتي الخاص، مثل العمل ذي الأبعاد الثلاثة «خيل» والآخر «نخل»، وهي أعمال اسعارها أقل بكثير من «الماستر بيسيز» وتعد بعشرات آلاف الدولارات. أما تلك «البونبونات» العملاقة، فكلها تعود لفنان واحد هو لورنس جنكيل الذي اعد مجموعة كبيرة منها تحمل الوان اعلام وطنية لدول من كل العالم، ولكن ادارة المعرض اختارت ما يتعلق بدول من المنطقة. إذاً، وإن كان هذا المعرض منفصلاً عن «فن أبو ظبي»، فهو يكمله لأن هذا الأخير هو لأعمال معاصرة وتجريبية، وغالبيته لفنانين جدد كانت لهم تجاربهم المهمة والتي يمكنها ان تكون بمتناول الشغوفين بالفن، أو بالأحرى بمتناول طبقة متوسطة أو غنية منهم، ولكن ليست الثرية بالضرورة كما الحال مع اللوحات النادرة في «غاليري اوبرا»، أما الشارون فهم من كل الجنسيات تقريباً. ينظم «فن أبو ظبي» كل من «شركة التطوير والاستثمار السياحي» و «هيئة أبوظبي للثقافة والتراث»، ويرعاه بنك «إتش إس بي سي» - الشرق الأوسط. وتضم فعاليات «فن ابو ظبي» المعرض الكبير ل50 صالة عرض عالمية من 19 دولة مختلفة من الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا والولايات المتحدة، والكثير منها يعرض للمرة الأولى في المنطقة. ويشتمل على أعمال أكثر من 300 فنان تضم لوحات ومنحوتات وصوراً فوتوغرافية وأعمالاً ورقية التي تتراوح أسعارها من آلاف إلى عشرات الملايين من الدولارات للأعمال الفنية الأصيلة والتي تستحق العرض في أكبر المتاحف. كما تقام ثلاثة معارض متخصصة بالتزامن مع «فن أبوظبي»، وهي «غوغنهايم: مسيرة متحف» الذي يقام بالتعاون مع مؤسسة غوغنهايم، ومعرض «جنازة الموناليزا»، وهو سلسلة من اللوحات التذكارية العملاقة التي زينت مدخل القصر والتي رسمها الفنان الصيني المولد يان باي مينغ ويقام بالتعاون مع متحف اللوفر والتي اراد من خلالها بعث الحياة في هذه اللوحة العالمية من خلال دفنها، ولكنه فعل ذلك من خلال إغراقها باللون الأبيض وهو لون الحداد في الصين وبنثر جماجم حولها ووجهين كبيرين لوالد الفنان الميت وله هو، ولكن في دار للجثث. كذلك ضمّت فعاليات «فن أبو ظبي» معرض «الاغتراب الثاني – نهوض وتداعي المدن العربية»، ويقام بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون، والذي يقدم مختارات ثنائية من أعمال الفنانين الناشئين من الشرق الأوسط والعالم، وذلك تحت عنوان «سجنيتشر». ويقدم جناح «تعابير إماراتية»، بإشراف آن بالداساري، مديرة متحف بيكاسو الوطني في باريس. أما قسم «بيوند» في المعرض الفني، فيقدم مجموعة من المنحوتات الضخمة في البهو الخارجي للقصر في «قصر الإمارات». ومن أهم الأعمال المعروضة «الرؤوس البرونزية» للفنان رافيندر ريدي، مع وجوه السيدات ملونة بألوان زاهية، 21 منحوتة برونزية للفنان رشيد خيمون باسم «أطفال العالم» والتي تمثل رموز مدن حول العالم، جمجمة تذكارية مصنوعة من الأوعية والفولاذ المقاوم للصدأ، وتحمل اسم «إغلاق الذهن، 2008» للفنان سوبود غوبتا وغيرها...