إذا وقفتَ قرب البحر وأحسست ب «الغرابة»، فلربما يكون حدسك صحيحاً. إذ ثمة من يعتقد بأن مسافات فضائية تفصل بينك وبين البحر الذي تتأمله، ولعل علاقتك معه تشبه العلاقة التي صورتها سينما هوليوود قبل أكثر من عقدين، بين البشر والكائن الفضائي الشهير «إي تي»! فبعد أن ساد الاعتقاد طويلاً، والى حد الترسّخ، بأن المحيطات والأمطار والغلاف الجوي، جاءت في سياق عملية من التطور والتفاعل بين مكوّنات الكرة الأرضية، مثل البراكين، يرى العالِم الفرنسي فرانسيس ألباريد، من «مختبر علوم الأرض» في مدينة ليون التابع ل «المجلس الوطني للبحوث»، ان مياه الأرض هي عنصر «غريب» عنها، وأنها لم تتشكّل فيها. ويعتقد ألباريد أن تهاطلاً كثيفاً لنيازك كبيرة ومكسوّة بالثلج، ضربت الأرض خلال المراحل الأولى من تشكّلها. وأشار الى ان المرحلة المُبكّرة من تكوّن النظام الشمسي مثّلت فترة اضطراب بالنسبة الى الكواكب السيّارة الكبرى في مجموعتنا الشمسية، مثل زحل والمشتري، ما جعلها تقذف بسيول هائلة من الصخور المكسوّة بالثلوج. ويفترض ان مجاميع ضخمة من تلك الثلوج الكونية، تهاطلت على الأرض، بعد مئة مليون سنة من ولادة الكواكب العملاقة، فكوّنت المياه عليها. وبقول آخر، وصلت هذه المياه الى الأرض قبل ما يزيد على 4 بلايين سنة. وملأتها وأتاحت فرصة لنمو الحياة عليها. ونُشرت تفاصيل هذه النظرية التي تنظر إلى مياه الأرض وكأنها كائن فضائي غريب، على الموقع الإلكتروني لمجلة «نايتشر» العلمية الشهيرة أخيراً. ويرجّح ألباريد أن النيازك الثلجية التي ضربت الأرض، في تلك الأزمنة السحيقة، كانت كبيرة الحجم، وبعضها أكبر من القمر. وأشار الى ان النظريات التقليدية عن أصل المياه على الأرض، والتي تنسبها الى باطن الأرض، كانت دوماً متعارضة مع حقيقة أن الصخور الآتية من الباطن الحار للكرة الأرضية، لا تحتوي إلا على نسب شديدة الضآلة من المياه، ما ينفي، برأي ألباريد، أنها كانت مصدراً للمياه على الكوكب الأزرق.