بعد التوقف الإجباري لسوق «الخوبة» الشهيرة خلال الأسبوعين الماضيين جراء الأحداث على الحدود السعودية اليمنية، وإخلاء محافظة الخوبة و240 قرية على الشريط الحدودي، والتوقف القسري لسوق «الخشل» (شمال الخوبة) وهي تقريباً السوق الرديفة والمماثلة لسوق الخوبة من ناحية تميز المعروض فيهما من حيوانات وطيور جارحة وثعابين وما لا يخطر على بال في أحيان كثيرة. برزت سوق «الأحد» الواقعة في مدينة أحد المسارحة، كأهم الأسواق في الفترة الحالية، إذ تعتبر «بديلاً اضطرارياً»، حتى وإن كان موعدها يوم الأحد مغايراً لموعد سوق الخشل التي كانت تفتح أبوابها الثلثاء، وسوق الخوبة التي اعتاد زوارها على يوم الخميس. السوق الجديدة العتيقة الواقعة من مقر مركز إيواء النازحين في محافظة أحد المسارحة سحبت البساط من دون جدارة من السوقين العريقتين، على رغم أنها على طريق المسافرين القادمين من دولة اليمن عبر منفذ الطوال الحدودي، كما أنها تختلف في نوع البضاعة المقدمة. تجولت «الحياة» في سوق «الأحد» على بعد أمتار من مقر إيواء النازحين ولاحظت ازدحاماً غير معهود في تاريخ السوق الشعبية الأسبوعي، وكأنه ضم زبائن السوقين العريقتين اللتين هجرا بسبب النزوح. يقول أحمد مجرشي (بائع): «عوضتنا سوق الأحد عن إقفال سوق الخوبة التي كانت جزءاً من حياتنا ومصدر رزق لنا ولأطفالنا، لكنه مع ذلك لا تزال ناقصة، فالبضائع التي كانت تشتهر بها الخوبة وسوق الخشل وتحتاج حالياً ليست متوافرة هنا بما فيه الكفاية». ويقول محمد هزازي (من أبناء الخوبة): «سوق الأحد تتوافر فيها حالياً كميات عرض فوق المعتاد نتيجة محاولات النازحين، ممن يملكون الأغنام والأبقار والجمال والطيور الداجنة بأنواعها، ما تحت أيديهم لعدم تمكنهم من تصريفها كما كانت الحال في الخوبة من الرعاية بحيواناتهم وإطعامها وحراستها، وهي فرصة غير متوقعة للحصول على ذبائح عيد الأضحى بأسعار لم يسبق لها مثيل من قبل». محمد معشي (55 سنة) وجدناه يعرض مجموعة كبيرة من خرافه للبيع يقول: «كنت أسكن في قرية أبو العصمة إحدى قرى الخشل، ولدي عدد كبير من الأغنام والأبقار والإبل، وكنت أملك أحواشاً مناسبة لها، واضطررت بعد النزوح لنقلها مشياً حتى قرية المقرقم، إذ يوجد منزل أحد إخوتي شرق أحد المسارحة وفقدت من أغنامي حتى اليوم 10 رؤوس، وأخاف على البقية من المرض والهلاك ولا أملك مكاناً ولا علفاً لها ورأيت أن أقوم ببيعها والاستفادة من المبالغ من ورائها أملاً في يوم نعود فيه لقرانا ومنازلنا من جديد». بينما ذكر أحمد هاملي وعيسى حنتول وعبده سند أن غياب البائع اليمني الذي كان ركناً في الخوبة والخشل أثر كثيراً في النكهة التي كنا نعهدها في السوقين العريقتين، علماً بأن السوق اليوم تشهد حراكاً في البيع والشراء واعتدال الأسعار لم نلحظها من زمن بعيد.