نفذ الجيش اللبناني أمس حملة عسكرية واسعة بحثاً عن المطلوبين في جريمة الاعتداء على عناصره أول من أمس على الطريق العام بين تمنين – رياق وبعلبك في البقاع، والذي أدى الى استشهاد 4 عسكريين وإصابة ضابط بجروح بليغة. وينتظر أن تشمل الحملة المطلوبين الفارين في مناطق بقاعية عدة، وسط تأييد عارم من القوى السياسية اللبنانية كافة، واستنكار شديد للجريمة التي اعتُبرت أنها تمس بهيبة الجيش والدولة، خصوصاً أن الروايات عن أن الاعتداء حصل لأسباب ثأرية من أقارب اثنين من المطلوبين بجرائم بينها الاتجار بالمخدرات من آل جعفر أرداهما الجيش في 27 آذار (مارس) الماضي في البقاع، تتأكد أكثر فأكثر. وواصل الجيش انتشاره في منطقة البقاع الشمالي وفي المناطق التي تقطن فيها عشيرة آل جعفر التي يعتقد بان بعض أبنائها نفذوا الجريمة، وبينهم شقيق المطلوب علي عباس جعفر الذي قتل برصاص الجيش قبل أكثر من أسبوعين، ويدعى حسن جعفر الذي داهمت قوى الجيش منزله في حي الشراونة في بعلبك. ونفذ الجيش مداهمات منذ ليل أول من أمس في الحي نفسه، حيث ضبط أسلحة وذخائر وسيارات مسروقة بداخلها أسلحة وكذلك كمية من المخدرات. كما داهم منازل في بلدة الدار الواسعة وفي قرى يمكن أن يكون لجأ إليها المجرمون، من دون أن يعثر عليهم. وأوقف بعض الأشخاص ثم عاد فأخلى سبيلهم نظراً الى عدم علاقتهم بالجريمة. وقتل مواطن وأصيب آخر رفضا الوقوف على حاجز للجيش في البقاع الشمالي، خصوصاً أن القوى العسكرية عززت وحداتها في البقاع مع أوامر بالتشدد وعدم التراجع عن توقيف المطلوبين. وقُدّر عدد الموقوفين حتى المساء ب35 شخصاً. (راجع ص 7 و8) وفيما غادر معظم الرجال من آل جعفر المنازل في حي الشراونة، زار قائد الجيش العماد جان قهوجي البقاع أمس لتفقد مكان الكمين الذي تعرض له الجيش والإشراف على انتشار الوحدات والتدابير الميدانية. ودعا أهالي المنطقة الى التعاون مع القوى العسكرية، معتبراً أن الجريمة تتساوى مع الجرائم التي ترتكبها مجموعات إرهابية. وشيع شهداء الجيش الأربعة وسط الحزن والغضب في عكار وطرابلس شمال لبنان، في وقت أكد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي أن «الجيش وقوى الأمن سيقومان بواجبهما حتى لو كانت الضريبة ضريبة الدم». وصدرت مواقف إدانة من قادة العشائر للجريمة وفي مقدمهم شيخ عشيرة آل جعفر ياسين علي حمد جعفر، مؤكداً تعاون العشيرة مع الجيش لتوقيف مرتكبي الجريمة. وإضافة الى التضامن الداخلي الإجماعي مع الجيش، أعرب الرئيس السوري بشار الأسد عن دعمه لخطوات الجيش في اتصال أجراه أمس مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان. وشدد الرئيس السوري على وجوب بقاء الساحة اللبنانية مستقرة أمنياً وسياسياً. ونقلت قناة «المنار» التابعة ل «حزب الله» مساء عن مصادر في المجلس الأعلى السوري – اللبناني، أن الجيش السوري انتشر بكثافة على الحدود مع لبنان قبالة منطقة الهرمل لمنع تسلل المطلوبين. ووصف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الاعتداء على الجيش بأنه «جريمة نكراء» في حق الجيش اللبناني «الذي يمثل أحد أبرز المؤسسات الوطنية اللبنانية الحامية لوحدة لبنان وأمنه واستقراره». وتوجه موسى بالعزاء للرئيس سليمان ولقائد الجيش وأكد على «تضامن الجامعة ووقوفها الى جانب لبنان ومؤسساته العسكرية ضد المحاولات الرامية الى النيل من الدور المهم الذي يضطلع به الجيش اللبناني في الحفاظ على السلم الأهلي وتحقيق الأمن والاستقرار في ربوع الأراضي اللبنانية كافة». وتزامن اضطرار الجيش الى اتخاذ تدابير لمطاردة المطلوبين مع إعلان السفارة الأميركية في بيروت عن أن طيارين من الجيش اللبناني يتلقون تدريباً على طائرات من دون طيار من نوع «ريفن» ستزود بها الولاياتالمتحدة الأميركية الجيش اللبناني قريباً، وبعد محادثات قهوجي ووزير الدفاع الياس المر في واشنطن، «وهي طائرات مهمة للاستطلاع والمراقبة في نظام التصويب الحسي لإطلاق النار». وبموازاة الاهتمام اللبناني بجريمة استهداف الجيش اللبناني فرض موضوع اتهام السلطات المصرية لأحد قياديي «حزب الله» بالعمل على المسّ بالأمن القومي المصري بتوجيه من القيادة في بيروت، نفسه على مداولات كبار المسؤولين لا سيما لقاء الرئيس سليمان مع رئيس البرلمان نبيه بري. وكان السفير المصري أحمد البديوي زار سليمان ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة وأطلعهما على بعض تفاصيل توقيف الناشط في «حزب الله» سامي شهاب. وقال المكتب الإعلامي لرئيس الجمهورية إن سليمان «أبدى اهتماماً بمعالجة المسألة بما يضمن صفاء العلاقات بين البلدين والشعبين». وفي وقت سرت شائعات بأن الجانب المصري طلب موقفاً واضحاً من الحكومة اللبنانية، قالت مصادر حكومية أن زيارته للسنيورة تمت بناء لطلب الأخير الذي طلب من السفير البديوي تزويده المعطيات الرسمية حول قضية شهاب، وأشارت الى أن البديوي لم يطلب شيئاً محدداً من الحكومة. وأوضحت المصادر أن السنيورة التقى بعد الظهر السفير اللبناني في القاهرة الموجود في بيروت وطلب اليه تزويده المعلومات الرسمية عند عودته الى مصر. أما على صعيد الانتخابات النيابية التي يجرى التحضير لها على قدم وساق، فإن حسم تظهير اللوائح التي لم تعلن سواء في المعارضة أو الأكثرية ينتظر الجهود لتذليل العقبات. وكان لافتاً أمس إصدار «هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية» المكلفة وفق قانون الانتخاب مراقبة مدى تطابق الحملات مع القانون، بياناً سجلت فيه «تصاعد الخطاب السياسي والإعلامي بين القوى السياسية وفي الأجهزة الإعلامية التي تعبر عن وجهات نظر هذه القوى». وذكرت الهيئة بموجبات القانون، ما يعني أنها ستراقب سلوك وسائل الإعلام. من جهة ثانية أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عن مشاركة الجامعة في متابعة الانتخابات النيابية اللبنانية.