واجه التخطيط المالي والاستثماري لدى دول المنطقة عدداً من التحديات الناتجة عن ظروف محلية وخارجية، وعلى رغم تجاوز الكثير من العوائق المحلية، إلا أن اقتصادات المنطقة غالباً ما تتأثر بمعدلات نمو الاقتصاد العالمي ومستويات العرض والطلب وأسعار النفط والغاز، في حين أن ارتفاع مستوى حساسية هذه الاقتصادات للتطورات العالمية ناتج عن الارتباط الوثيق بين حجم عائدات تصدير النفط والغاز، وتسارع مشاريع التنمية الشاملة، إذ إن الحديث عن رؤية لعام 2030 مثلاً، ليس بالمدة الزمنية الطويلة والتي تمكّن اقتصادات المنطقة من تحقيق التنمية الشاملة من دون ضغوط. وأشار التقرير الأسبوعي لشركة المزايا القابضة» إلى أن «القطاعات الاقتصادية الرئيسة، خدمية كانت أم إنتاجية، تتعرض لعثرات وتقلبات حادة بين فترة وأخرى، تبعاً للتسارع على التنفيذ والإنجاز، والواضح أن دول المنطقة نجحت في تحقيق اتجاهين مهمين على هذا الصعيد، يتمثل الأول في قدرتها على تنويع مصادر الدخل على رغم أنها ما زالت في بداية الطريق، والثاني في قدرتها على إدخال تعديلات جوهرية وثانوية على خطط ومشاريع التنمية انسجاماً مع التذبذبات التي تعكسها الأسواق العالمية، وبالتالي رفع مستوى الكفاءة الاقتصادية تدريجاً». ولفت إلى أن «نمو الاقتصاد البحريني 4.2 في المئة نهاية عام 2014 في مقابل 5.3 في المئة نهاية عام 2013، وتوقعات بنموه 3.6 في المئة نهاية العام الحالي، تعتبر بمثابة نجاح لخطط ومشاريع التنمية الاقتصادية المنفذة وقيد التنفيذ، مع الأخذ بالاعتبار أن التراجع يُعزى إلى هبوط معدلات نمو القطاع النفطي أخيراً والذي بلغ 2.9 في المئة نهاية عام 2013 مقارنة ب15.3 في المئة عام 2013». وأكد أن «الاقتصاد البحريني، كما اقتصادات المنطقة، يواجه تحديات تراجع عائدات النفط وتأثيرها على كلف رأس المال وحجم الإنفاق التنموي والاستثماري، إضافة إلى تأثير التشدد في السياسات المالية والتي سيكون لها انعكاسات على النشاط الاقتصادي والاستثماري متوسط وطويل الأجل، فيما يعتمد اقتصاد دول المنطقة على دوافع النمو والتي تظهر مستويات جيدة من القوة والمرونة والقدرة على التكيف مع الضغوط كافة، ما يحد من التأثيرات السلبية المحيطة بالمناخ الاستثماري حتى اللحظة». وأضاف التقرير أن «الاقتصاد البحريني يواصل زخم النمو منذ بداية عام 2014، مع تواصل طرح مشاريع البنية التحتية ونمو القطاعات غير النفطية، خصوصاً قطاع البناء الذي نما 12.3 في المئة خلال الربع الثالث عام 2014، فيما نما قطاع الفنادق والمطاعم 7.4 في المئة على أساس سنوي. ولفت إلى أن «للحراك والنشاط العقاري في البحرين أسباب أدت إلى هذا المستوى المرتفع، فوفقاً للبيانات الصادرة عن جهاز المساحة والتسجيل العقاري، بلغت التداولات في السوق العقارية 1.3 بليون دينار (3.4 بليون دولار) نهاية العام الماضي، بزيادة 50 في المئة مقارنة بعام 2013، في الوقت الذي تشهد السوق أجواءً إيجابية وتحفيزات أمّنت مستوى جيداً من الثقة الاستثمارية جذبت المستثمر الخليجي». وأشار إلى «مستوى النشاط العقاري في البحرين ودرجة تأثر الحراك بتراجع أسعار النفط وعائداته، إذ يُتوقع أن يشهد الاقتصاد نشاطاً كبيراً مع طرح عدد من المدن السكنية الجديدة ومشاريع القطاعات الخدمية والإنتاجية ببلايين الدولارات، فيما تسود حالة من التفاؤل لدى القطاع العقاري نظراً إلى زيادة الإنفاق على مشاريع السكن الاجتماعي والبنية التحتية». يُذكر أن القطاع العقاري يأتي ضمن حزمة المؤشرات الإيجابية والسلبية لكل منها مبرراته ومسبباته وتأثيراته المباشرة وغير المباشرة، إذ إن قطاع العقارات والأراضي الاستثمارية يظهر مزيداً من التراجع إذا ما استمرت الضغوط السوقية على مسارات أسعار النفط، وبالتالي الضغط على سياسات التمويل العقاري الذي يوفره القطاع المصرفي، في المقابل فإن الطفرة القياسية التي سجلتها قيم التداولات العقارية على الأراضي تأتي ضمن المشاريع قيد التنفيذ حالياً، ما سيحافظ على وتيرة النشاط لدى قطاع البناء خلال العام الحالي. وارتفعت أسعار الاستثمار العقاري ما بين 10 و20 في المئة، فيما شهدت قسائم الأراضي السكنية نشاطاً كبيراً أيضاً عام 2014. يذكر أن الدعم المالي الذي قدمه صندوق دول مجلس التعاون الخليجي بقيمة 10 بلايين دولار عام 2011، ساهم في تأمين دفعة قوية لقطاع السكن الاجتماعي وتطوير البنية التحتية. وأضاف التقرير أن «النشاط الاقتصادي لدى البحرين يعتمد على نظرية مفادها أن كلما ارتفع نشاط قطاع التطوير والاستثمار العقاري، ارتفع مستوى الإقبال والنشاط على تجارة التجزئة وشراء السلع والخدمات، وبالتالي ارتفعت وتيرة الإنتاج والطلب على الخدمات». ويلاحظ أن للمعارض العقارية دوراً مباشراً في تحقيق هذه القاعدة، إذ استهل القطاع العقاري البحريني العام الحالي بإطلاق «معرض البحرين الدولي للمنزل الحديث» بمشاركة 80 شركة، ووفر المستلزمات المنزلية بطرق اقتصادية وتضمن العديد من المنتجات التي تناسب المنزل الحديث. وأكد تقرير «المزايا» أن «التركيز الحكومي ينصب على تجاوز التحديات والمعوقات التي تحول دون استمرار نمو القطاعات الاقتصادية الرئيسة، وعلى رأسها القطاع العقاري، إذ ستشهد المملكة اعتماد منظومة من القوانين المتعلقة بالتطوير العقاري، والذي يعول عليها في تنشيط السوق العقارية من خلال وضع الضوابط اللازمة التي تحمي حقوق والتزامات الأطراف كافة، إذ تهدف هذه القوانين إلى تسوية المشاريع العقارية المتعثرة وحماية مصالح المستثمرين».