تتأثر المجتمات بما يطرأ على المشهد السياسي والبيئي والاقتصادي والتكنولوجي من تغييرات وتقلبات، في سياق أصبحت معه عجلة التغيير أكثر حضوراً وأسرع إيقاعاً، خصوصاً أن العالم أصبح قرية صغيرة تعيش على مرأى ومسمع الفرد الذي يقطن في بيته مسترخياً على أريكته. وشكّل المظهر الخارجي والطلة الجديدة لدى الكثير من الشبان والفتيات، أهمية كبيرة متبنّين فكرتها حيناً، ومتمردين أحياناً على الأسلوب السائد النمطي، واصمين في قرارة أنفسهم من يلتزم «الستايل» القديم بالشخص «الرجعي». وفي مجتمعنا السعودي، لسنا بمعزل عما يدور حولنا من هجمات الى الحياة العصرية، فالشاب السعودي الذي كان يتمسك بزيه التقليدي أي الثوب والغترة، وكذلك الفتاة التي تلتزم شكلاً موحداً للعباءة، جرفهما تيار التغيير إلى طلة جديدة تتنوّع فيها القصات والخامات والزخرفات، كما الأسعار التي تتراوح بين 800 و 4000 ريال للعباءة مثلاً (أي بين 210 و1066 دولاراً). وما عاد ارتداء الملابس»الكاجوال» للشاب السعودي، عيباً ولا مستغرباً في أماكن عدة وبأشكال تساير الموضة، على رغم أن أصحاب الالتزام بالتقاليد وازدراء موجة التطوير يرفضون هذا التوجه ويمقتونه. وليد عبدالرحمن، شاب يرتدي ملابسه تبعاً للموضة السائدة في الأسواق، من الجينز وبنطلونات وقمصان «كاجوال»، غير آبه بالزي التقليدي السعودي. وقد قال: «الزي التقليدي يقيّد الشخص ويجعله يتّسم بالرسمية، بينما العصر يتطلب البساطة والسهولة في التنقل وخفة الحركة وعدم التكلف». أما وجهة نظر الشاب سلمان فيصل في عدم التقيد بالزي السعودي، فأرجعها الى «عدم أناقته»، فهو يجد ارتداء البنطلون والقميص أكثر أناقة و«كول»، خصوصاً عندما يكون على طراز آخر موضة، ما يجعله شخصاً متميزاً ولافتاً و«كشخة» من جانب الجنس اللطيف، على حدّ قوله. وعلى ضفة النساء، قالت نورة إبراهيم إن مظهر العباءة اللائق ضروري ومطلوب لاكتمال أناقة المرأة السعودية، موضحة أنها تصمّم عباءتها خصيصاً للمناسبات بواقع 3 عباءات في العام الواحد، لافتة إلى أن تكرار لبس العباءة على نمط واحد يبعث في النفس الشعور بالملل. وأكدت سوسن القويز، مصمّمة أزياء تمتد خبرتها في هذا المجال الى أكثر من 18 عاماً، أن اهتمام الفتيات السعوديات بالعباءات واقتناء المختلف والمتميز منها في تزايد مستمر، وتحديداً خلال السنوات العشر الأخيرة، إذ لم يعد إدخال لمسات تحديثية وتجديدية في العباءة أمراً مرفوضاً كما كان سابقاً. وبعد أن تقبّل المجتمع التغيير التدريجي من الأكمام الى الأكتاف، بات اليوم يشمل سائر العباءة ولم يعد يقتصر على أجزاء معينة فحسب. ومن الملاحظ حالياً مثلاً، انتشار اللون الرمادي بدل الأسود، خصوصاً بين شريحة الفتيات العشرينيات. وقالت: «الشابة عادةً، تبحث عن الجديد والجميل في اللون والموديل والأكسسوار والخامات التي تتنوع بين الكتان والقطن والحرير، والمصمِّم الذكي يحرص على مجاراة الموضة والتغيير إرضاءً لذوق الزبونة التي ترغب في التميز والظهور بأحلى طلة». وعن السائد بين السعوديات بحسب المناطق، ذكرت القويز أن العباءة في منطقة الرياض تتصف بأنها واسعة وفضفاضة، فيما تأخذ قصة ضيقة نسبياً في المنطقة الشرقية. أما في مدينة جدة وما جاورها، فتتميز بألوانها المختلفة والقوية أحياناً، مثل التركواز الذي أصبح مألوفاً جداً. وأضافت: «باتت العباءة زياً ضرورياً ومستهلكاً بشكل يومي، فهناك عباءة للمناسبات، وعباءة للسوق، وعباءة للعمل وأخرى للدراسة»، لافتة الى أن متوسط استهلاك المرأة السعودية للعباءة سنوياً هو نحو 10 عباءات.