تابعت عن كثب معسكر فريق الاتحاد صيف العام الماضي قبل بداية الموسم الرياضي الحالي، ووجدت أن التحضير للموسم يتم وفق أسس علمية عالية الجودة، بوجود مدير فني متمكّن من أدواته المهنية، ووجود مدرب لياقة عالمي أشرف على مشاهير اللاعبين في ريال مدريد، ووجود إداري هادئ ووقور مثل حامد البلوي، وتوافر مناخ صحي بمعنى الكلمة، وزاد من ذلك الدور الرائع الذي يقوم به كبار اللاعبين، خصوصاً محمد نور وحمد المنتشري مع الشبان الجدد، مثل نايف هزازي وعبدالعزيز الصبياني ووسام سويد وطلال عسيري وبقية النجوم القادمين بقوة، بعد إعدادهم احترافياً في أكاديمية أرجنتينية بإشراف المدير الفني كالديرون، كل هذه المعطيات جعلتني أكتب حينها بأن الاتحاد سيقدم أفضل موسم له، وتوقعت تحقيق اللقب الأهم عالمياً وهو بطولة الدوري التي تحدد البطل الفعلي للموسم، لأنه يقابل جميع خصومه على أرضه وخارج ملعبه، وبالتالي يكون البطل المميز. حقق الاتحاد درع دوري المحترفين في نسخته الأولى وعلى حساب فريق عملاق معروف بصولاته وجولاته، ولكن ما الذي خرج به الاتحاد بعد هذا الإنجاز الكبير؟ أكيد خرج بتجربة مفيدة له ولبقية الأندية السعودية التي تسابقت لإقامة معسكرات صيفية خارجية، بينما اختار الاتحاد صيف أبها الأقرب والأفضل بكل المقاييس، وإذا كان الاتحاد وُفِّقَ وللمرة الثانية في تاريخه في اختيار أبها معسكراً صيفياً له بعد معسكره في المدينة ذاتها عام 2003، التي حقق فيها البطولة ومن دون هزيمة وبأعلى رصيد نقطي وتهديفي، فإن الأهم هو حسن اختيار اللاعبين الأجانب، إذ تخلى عن الجعجعة الصيفية المعتادة ورنين تعاقده مع لاعبين عالميين واختار لاعبين مفيدين فنياً، خصوصاً اللاعب أحمد حديد الذي رتق جميع الثقوب الفنية التي كان يعاني منها دفاع الاتحاد، وهشام بوشروان الذي يُوْجِد بقدمه القوية الحلول في أحلك المواقف، ومنها أمام الهلال عندما أصبح الاتحاد على مشارف الخطر بعد التعادل، وكذلك هدفه التاريخي أمام الاستقلال الإيراني، ولا يمكن تجاوز الثنائي العمدة عماد متعب ورينالتو، وهي اختيارات موفقة ووفق حاجة الفريق، أما أهم عنصر أسهم في تحقيق البطولة الكبرى للاتحاد والذي يجب أن تستفيد منه عموم الأندية السعودية، فهو الاستقرار الفني مع مدير فني تفوّق على الجميع بفكره وصمته ودهائه الكروي، ويلاحظ أن جميع الفرق المحلية غيّرت أجهزتها الفنية تباعاً بحثاً عن نتائج أفضل وهذا لا يتحقق، وسبق أن جرّب الاتحاد قراراته الانفعالية الموسم الماضي بإحضار خمسة مدربين جميعهم فشلوا ولم يحقق الاتحاد شيئاً، بينما استقراره الفني هذا الموسم صنع له فريقاً ممتعاً هزم جميع الخصوم وفي مقدمهم صحافة الاتحاد المحمومة التي كادت تطيح بكالديرون في منتصف الموسم لولا تدخل العقلاء. مبروك للاتحاد البطولة الكبرى التي أتت بوجود إدارة منسجمة وعضوين داعمين ورئيس هيئة أعضاء شرف مميز ولاعبين أفذاذ وجماهير وفية وجهاز فني لا يشق له غبار.