المقاربة الجادة والخطوات الإيجابية التي يخطوها الطرفان، التركي بزعامة حزب العدالة والتنمية والكردي بزعامة حزب العمال الكردستاني ومؤيده حزب المجتمع الديمقراطي على طريق المصالحة الوطنية والسلم الأهلي على أساس الوحدة الوطنية ووحدة التراب الوطني حدث تاريخي مهم بكل معنى الكلمة وانعطافة كبرى من شأنها نقل تركيا بأتراكها وأكرادها إلى عتبة العصر الجديد، عصر الحرية والديمقراطية والتقدم. فهذا التحول الجديد، إذا استوفى استحقاقه بما يرضي الطرفين، سيفتح آفاقاً واسعة أمام مجتمعات الشرق الأوسط التي تعاني من ويلات الحروب الإثنية والقومية والطائفية والمذهبية ويصبح بالتالي مثالاً يحتذى به في حل الصراعات القومية في مناطق العالم الثالث مثلما يصبح الشرق الأوسط برمته على موعد مع الديمقراطية والسلام . وإذا سارت الأمور بشكل طبيعي كما هو مرسوم بين الطرفين الكردي والتركي بعيداً من التعنت أو التخريب من جهة ثالثة فإن المنتصر الحقيقي في هذه الحال ليس الشعبين التركي والكردي - التواقين إلى السلام - فحسب بل الديموقراطية التركية الفتية التي تجتاز المهالك بخطوات ثابتة ورباطة جأش لتلحق بأخواتها الأوروبيات. والحقيقة أن الشرق الأوسط والشعوب العربية والإسلامية تواقة إلى مثل هذا النموذج الديمقراطي ولا يصلح حال البلاد والعباد من دونه. وإذا حقق أردوغان وأوجلان هذا السلام المنشود فإنهما يصبحان قاب قوسين من جائزة نوبل للسلام، وهذا شرف لا يحظى به سوى القادة العِظام الذين نذروا أنفسهم لخدمة البشرية والسلام العالمي.