كشف المشرف على كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري في جامعة الملك سعود الدكتور خالد بن منصور الدريس، أن الكرسي يعتزم وللمرة الأولى تنفيذ عدد من الدورات التدريبية في مهارات الفكر الوسطي خلال العام الدراسي الجديد، تبدأ مع طالبات الجامعة، ومن ثم سيتم تعميمها بعد عام من التجربة، لتعزيز المناعة الفكرية لدى الناشئة والشباب، وتنمية مهاراتهم الفكرية، وذلك من خلال إعداد حقائب تدريبية تستهدف أفراد المجتمع. وعن أسباب بدء الدورات مع العنصر النسائي، أرجع الدريس في تصريح إلى «الحياة»، ذلك إلى أن العناصر النسائية تكاد تكون مهملة في القطاع الفكري، مبيناً أن البداية ستكون مع طالبات كليات التربية، اللاتي يعتبرن مربيات للجيل المقبل، مشيراً إلى أن الكرسي سيستفيد من آراء الطالبات في تطوير فكرة الدورات التدريبية، واكتشاف نقاط الضعف والقوة فيها، كما سيتم إجراء قياس مدى التأثير الذي أحدثته الدورة لديهن، موضحاً أنه بعد الانتهاء من التجربة، سيتم البدء في إعداد مدربات في مهارات الفكري الوسطي، وتجهيزهن لتدريب الآخرين واللاتي ستكن بدورهن مدربات مؤهلات. وأكد أنه بعد الفترة التجريبية للدورات، سيتم تعميم الدورات التدريبية على قطاعات التربية والتعليم والقطاعات الاجتماعية الأهلية والحكومية، موضحاً أن الكرسي وضع خطة تهدف إلى تجهيز عدد من الحقائب التدريبية المتنوعة لجميع فئات المجتمع كأحد المناشط، التي ينفذها الكرسي في قطاع التدريب، بالتنسيق مع عدد من الأكاديميين والأكاديميات المتخصصين، وذلك سعياً منه للتميّز النوعي في منتجاته الأكاديمية، التي تحقق شراكة مجتمعية حقيقية. وحول الأثر الفعلي التي ستحدثه تلك الدورات، أوضح أنها تهيئة لمجتمع ذي فكر وسطي، موضحاً أن تلك الدورات هي أحد الأفكار المنبثقة عن الاستراتيجية الوطنية للأمن الفكري، التي يقوم الكرسي بإعدادها، مبيناً أن فلسفلة تلك الدورات تقوم على جعل المتدرب عنصراً فعالاً في الدورة، وشريكاً في فعاليات الأمن الفكري، إذ ان إيصال الفكر الوسطي لم يعد محصوراً على إقامة المحاضرات وتوزيع المطويات فقط، بل إن المتدرب يجب أن يكون العنصر الأساسي في الدورة، بحيث يقوم بما يقرب من70 في المئة من نشاط الدورة، وللمدرب 30 في المئة. وفي الإطار ذاته، أشار الدريس، في بيان أصدره الكرسي أمس، إلى أنهم لمسوا وجود حاجة ماسة لهذه النوعية من الأنشطة، كما ظهر من آراء كثير من أفراد المجتمع الذين تواصلوا مع الكرسي، وأبدوا فيها أن تعزيز الفكر الوسطي ومكافحة التطرف لا يأتيان عبر المحاضرات فقط التي بدأ الكثيرون يملون منها، ما يجعلها ذات أثر ليس بالقوي. وبيّن المشرف على كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري، أن ميزة الدورات التدريبية هي اعتمادها على المتدرب، بوصفه مشاركاً فاعلاً وليس متلقياً صامتاً، منوهاً إلى أن الأساليب التدريبية المعتمدة في دورات مهارات تنمية الفكر الوسطي كثيرة، ومنها تمثيل الأدوار، وتشكيل مجموعات العصف الذهني، ودرس حالات واقعية، وتكليف المتدربين والمتدربات بتنظيم ندوة حوارية مصغرة يتبادلون فيها الآراء، وكذلك التطبيقات التي تتعلق باكتشاف المفاهيم الخاطئة حول الوسطية، والتدرب على الطريقة السليمة في تكوين المفهوم الصحيح. كما بيّن أن مشروع الحقائب التدريبية هو عبارة عن دورات عملية مهارية، يتم من خلالها تحويل المعلومات والمعارف إلى سلوكيات ومهارات تطبيقية، ويتأسس منهجها على ثلاث مهارات أساسية هي الاستنباط والبناء والتطبيق، بهدف إكساب المتدربين والمتدربات - القدرة على تكوين مفهوم للفكر الوسطي في فهم تعاليم الإسلام بضوابط محددة ترفع اللبس عن ضبابية مصطلح الوسطية الذي قد يبدو للبعض. وتأتي هذه الدورات استشعاراً من الكرسي بأهمية تنمية الفكر المعتدل في المجتمع، بحيث يصبح بالإمكان تطبيق مهارات الفكر الوسطي في التعاملات الحياتية اليومية، وذلك من خلال التطبيق العملي لهذه المهارات في مستويات متعددة لكل دورة. وأضاف الدكتور الدريس أن من أبرز الحقائب التدريبية المزمع تدشينها خلال العام الدراسي الجديد، حقيبة حول مهارات بناء الفكر الوسطي، انطلاقاً من أهمية الاعتدال الفكري، باعتباره من أهم معززات الهوية الفكرية المتوازنة البعيدة عن التطرف، والغلو بجميع أشكاله ومظاهره، مشيراً إلى أن الجنوح عن الوسطية في فهم تعاليم الشريعة يمثل خللاً فكرياً خطراً يستوجب تنفيذ برامج وأنشطة وقائية مفيدة عملياً، وبصورة ملموسة لمحاصرة هذا الخلل، انطلاقاً من تعاليم الإسلام السمحة المبنية على الحكمة والرفق والمصلحة ومقاصده المعززة لمبادئ التسامح الفكري القائمة على محاربة التعصب والعنف والداعمة لتأسيس ثقافة السلام المجتمعي.