تعهد الرئيس السوداني عمر البشير مجدداً أمس بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة بعيداً من التزوير والتدليس، وقال «لن نتقرّب إلى الله بالتزوير والخداع»، في وقت ظلّت الأزمة بين شريكي الحكم في البلاد تراوح مكانها، وأقر البرلمان موازنة الدولة للعام الجديد وسط مقاطعة «الحركة الشعبية لتحرير السودان» والأحزاب الجنوبية. وأكد البشير لدى مخاطبته حشداً من أنصاره في بورتسودان الساحلية عاصمة ولاية البحر الأحمر، أمس، في حضور ضيفه الرئيس الاريتري أسياس أفورقي، أنه سيربط البلدين عبر طريق برّي لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي والتواصل الشعبي. واعتبر زيارته للعاصمة الاريترية أسمرا عقب صدور قرار من المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه في آذار (مارس) الماضي «مسماراً في نعش المحكمة». وأشاد بمواقف أفورقي المناهضة للمحكمة. أما الزعيم الاريتري فأكد متانة علاقات بلاده بالسودان، وقال إنه عاد إلى بورتسودان بعد 42 عاماً بعدما كان يقود منها النضال ضد القوات الإثيوبية لتحرير اريتريا. إلى ذلك، ظلّت الأزمة بين شريكي الحكم في البلاد تراوح مكانها. وأقر البرلمان أمس موازنة الدولة للعام الجديد وسط مقاطعة «الحركة الشعبية لتحرير السودان» والأحزاب الجنوبية. وكانت الحركة قالت إنها لن تعترف بالموازنة في حال إقرارها في غيابها. وفي هذا الإطار، ناقش البشير مع نائبه رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت الأزمة بين حزبيهما، قبيل مغادرة الأخير في جولة أوروبية تشمل هولندا وبلجيكا وفرنسا ثم روسيا. وأطلع ميارديت البشير على أهداف جولته التي ستستمر ستة أيام، يرافقه خلالها وزير شؤون رئاسة حكومة الجنوب لوكا بيونق ووزير التعاون الإقليمي ياي دينق. وسيناقش سلفاكير مع المسؤولين الأوروبيين تطبيق اتفاق السلام الموقع عام 2005 إلى جانب التحديات التي تواجه حكومة الجنوب وقضية دارفور ودفع الاتحاد الأوروبي والمانحين إلى الوفاء بالتزاماتهم تجاه السلام. واتهم وزير شؤون رئاسة حكومة الجنوب لوكا بيونق حزب المؤتمر الوطني بالنكوص عن قرار التحكيم الدولي في شأن النزاع على منطقة أبيي الغنية بالنفط، واعتبر المطالب بإشراك قبيلة المسيرية العربية في استفتاء مواطني المنطقة على مصير المنطقة من «الخطوط الحمر». وقال بيونق إن لجنة ترسيم حدود المنطقة يُفترض أن تُنهي أعمالها في العاشر من كانون الأول (ديسمبر) المقبل لكنها ما زالت بعيدة من تحقيق مهمتها في هذا التوقيت، موضحاً أنها تمكنت خلال الفترة التي تجاوزت الشهرين من عملها من تحديد أربع نقاط من جملة 26 نقطة كان يُفترض أن تضعها لتحديد معالم الحدود. وقال بيونق عقب زيارة منطقة أبيي إن الاتفاقات التي تمت في اجتماعات الآلية الثلاثية بين طرفي النزاع والأمم المتحدة في شأن المنطقة المتنازع عليها ضُربَ بها عرض الحائط، لا سيما في ما يتعلق بتكوين لجنة سياسية والاستعانة بخبير أجنبي لمساعدة اللجنة، مبيّناً أن خبيراً أميركياً وصل بالفعل إلى السودان لكن حزب المؤتمر الوطني رفض اشراكه. وأضاف أن حزب المؤتمر الوطني يصر على مشاركة قبيلة المسيرية العربية في الاستفتاء على مصير المنطقة بين الانضمام إلى الجنوب أو البقاء على وضعها الحالي، واعتبر ذلك تطوراً خطيراً، موضحاً أن محكمة لاهاي حددت منطقة قبيلة دينكا نقوك الأفريقية التي تقطن هناك، كما أن قانون الجنسية السوداني لا يعتبر الرعاة الرحّل من أبناء المنطقة. وأقر لوكا بحدوث تغيير كبير في أبيي وعودة جزئية للمواطنين مع نشاط حركة التجارة. لكنه أشار إلى فشل الموسم الزراعي في الأجزاء الشمالية من المنطقة. من جهة أخرى، أعلن رئيس «حركة تحرير السودان» عبدالواحد محمد نور رفضه المشاركة في مشاورات الدوحة لحل أزمة دارفور، واشترط للدخول في أي مفاوضات تحقيق الأمن على الأرض ونزع سلاح ميليشيا «الجنجاويد». وأوضح أنه أخطر الوسيط المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في أزمة دارفور جبريل باسولي بموقف حركته من مشاورات الدوحة، وقال «لن نذهب إلى أي مفاوضات ما لم يتوافر الأمن على الأرض ويتم طرد المستوطنين الجدد إلى جانب نزع سلاح ميليشيا الجنجاويد». واتهم الحكومة والمبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن بالترويج لحضوره إلى محادثات الدوحة، وقال إن «باسولي وسيط متفهم ومحترم ونقلنا له مواقفنا بأننا لن نشارك في المفاوضات إلا بتحسن الأوضاع الأمنية وأن الحركة لديها مبادئ وقيم ولا تبحث عن مناصب». وتوقع عبدالواحد أن يلتقي رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت في باريس الأسبوع المقبل، مؤكداً أن حركته حليف استراتيجي ل «الحركة الشعبية». وقال إنه سيلتقيه دون شرط لبناء الدولة السودانية الموحدة المبنية على حق المواطنة المتساوية وفصل الدين عن الدولة. وفي سؤال عن لقائه زعيم المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي الذي يزور باريس حالياً قال عبدالواحد: «علمت انه هنا في رحلة علاجية لكن لم نلتقه وليس لنا ميعاد لمقابلته».