ثمة مثال روسي شائع يقول: «يُعرف الحصان من خطواته والعاشق من نظراته». ماذا عن اليد؟ ألم تكتسب شهرة ذائعة عالمياً في قدرتها على الكشف عن خبايا الإنسان؟ الأرجح أن الفريق العلمي المكون من بحّاثة في جامعتي ليفربول وأكسفورد لا يوافق على جعل اليد مدخلاً لقراءة «البخت» والطالع وغيرها من الشعوذات، لكنه يرى فيها، بالأحرى في أصابعها مدخلاً لمعرفة السلوك وأنماطه. ويبدو أن الكائن الحي «يُعرف» من أصابعه، تحديداً من طولها! وأشار ذلك الفريق العلمي إلى أن الهورمونات تشكل حلقة الوصل التي تربط بين طول الأصابع، ومجموعة من الأنماط السلوكية، مثل القوة والعدوانية. واكتشف أن ثمة هورموناً ذكورياً يفرز قبل الولادة، يحدّد طول أصابع الجنين، إذ يجعل الإصبع الرابعة أكثر طولاً. وفي مرحلة المراهقة، يلعب هذا الهورمون عينه دوراً محورياً في تحديد الصفات «الخشنة» عند الذكور، خصوصاً الميل الى القوة والسلوك العدواني. وبالمقارنة مع عالم القِردة، يترافق زيادة طول الإصبع الرابعة مع الميل الى التهتك جنسياً والشراسة في المنافسة مع الأقران، التي قد تصل الى العدوانية الصريحة. وفي المقابل، فإن أنواع القردة التي تتميّز بأصابع أقصر، تميل الى التحفّظ في سلوكها الجنسي، والالتزام بالزوجة عينها، والتحلي بالصبر حيال منافسة الأقران. وفي البحث عينه، مال ذكور القردة القصيرة الأصابع، الى التسامح والتعاون بعضها مع بعض. وأشار التقرير الذي نشر أخيراً في الموقع الالكتروني لمجلة «أميركان جورنال أوف فيزيكال أنثروبولوجي»، الى ان المجتمعات البشرية تتميّز بأنها تضم مجموعات متعاونة من كلا الجنسين، فيما تميل مجتمعات القردة العليا الى إيكال التنافس (والتعاون) الى الذكور، ما يعني أن البحث عن العلاقة بين طول الأصابع والسلوك الاجتماعي عند الافراد، يفيد في فهم الطريقة التي تطوّرت بها أنماط السلوك في المجتمعات البشرية.