انقسم الأميركيون حول قرار إدارة الرئيس باراك أوباما نقل خالد شيخ محمد وأربعة من رفاقه من معتقل غوانتانامو الى محاكم فيديرالية أميركية. البعض شكّك في حصول المتهمين على محاكمة عادلة، والجمهوريون اعتبروا القرار خطوة الى الوراء، ومجازفة لا فائدة منها بالنسبة الى الأميركيين. من المستبعد أن تفضي محاكمة المتهمين الخمسة أمام محاكم مدنية الى إصلاح صورة أميركا. إذ إن الإدارة تتحدث عن 40 معتقلاً فقط سيحاكمون أمام محاكم أميركية. أما بقية المعتقلين فسيتم ترحيل 90 منهم الى دول أخرى، وسيبقى في غوانتانامو 75 محتجزاً، بسبب خطورة إطلاقهم أو عدم القدرة على محاكمتهم، ما يعني ان معتقل غوانتانامو، الذي تحاول الإدارة طي صفحته السوداء، سيبقى يؤرق صورتها، ويشوه القيم الأميركية، ويضعف دورها في بناء حقوق الإنسان وحمايتها. مشكلة أميركا مع معتقل غوانتانامو لم تكن في فعل الاعتقال ونوع المحاكمة، وانما بالاحتيال على القوانين الأميركية، واقامة معتقل موحش خارج أراضيها، فضلاً عن المعاملة غير الإنسانية مع المعتقلين، وعدم التمييز بين الأشخاص، وجمع مئات الشباب في شكل عشوائي، وبعضهم لم يكن له ذنب سوى انه كان يعمل في جمعيات الإغاثة، والتعامل معه وكأنه متورط في عمليات "القاعدة" الإرهابية، وممارسة أساليب غير إنسانية ضد الجميع، وعلى مدى 8 سنوات، بطريقة تعد سابقة في تاريخ الحروب والاعتقال. لا شك في ان معتقل غوانتانامو أحدث شرخاً هائلاً في صورة العدالة الأميركية، وهو أصبح شاهداً على تجاوزات الحرب على الإرهاب، وغياب العدل عن مجرياتها، ولهذا فإن أنصاف الحلول لن تجدي نفعاً في معالجة التدمير الذي أحدثه المعتقل في صورة أميركا، وليس أمام الإدارة الأميركية سوى تقديم جميع المتهمين الى المحاكمة، وإغلاق هذا الملف، والاعتذار عن التجاوزات القانونية والإنسانية، وتقديم بعض المسؤولين الذي قام بأعمال تنتهك حقوق المعتقلين الى المحاكمة، وبعد هذا، ستجد الإدارة الأميركية ان محاكمة هؤلاء المعتقلين أمام محاكم عسكرية أو مدنية، والحكم عليهم بالإعدام أو السجن لن تكون له أهمية كبيرة. فالقضية في الأساس هي أن واشنطن أحدثت سابقة سيئة في تاريخ التعامل مع المعتقلين، وبات عليها تصحيح ذلك.